الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم

                                                                                                                1827 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو يعني ابن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو قال ابن نمير وأبو بكر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث زهير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا أما قوله : ( ولوا ) فبفتح الواو وضم اللام [ ص: 528 ] المخففة ، أي كانت لهم عليه ولاية ، والمقسطون فهو مقسط إذا عدل ، قال الله تعالى : وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ويقال : قسط يقسط - بفتح الياء وكسر السين - وقسطا - بفتح القاف - فهو قاسط ، وهم قاسطون : إذا جاروا ، قال الله تعالى : وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا وأما المنابر فجمع منبر سمي به لارتفاعه ، قال القاضي : يحتمل أن يكونوا على منابر حقيقية ، على ظاهر الحديث ، ويحتمل أن يكون كناية عن المنازل الرفيعة ، قلت : الظاهر الأول ، ويكون متضمنا للمنازل الرفيعة فهم على منابر حقيقية ومنازلهم رفيعة .

                                                                                                                أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( عن يمين الرحمن ) فهو من أحاديث الصفات ، وقد سبق في أول هذا الشرح بيان اختلاف العلماء فيها ، وأن منهم من قال نؤمن بها ولا نتكلم في تأويله ، ولا نعرف معناه ، لكن نعتقد أن ظاهرها غير مراد ، وأن لها معنى يليق بالله تعالى ، وهذا مذهب جماهير السلف وطوائف من المتكلمين . والثاني أنها تئول على ما يليق بها ، وهذا قول أكثر المتكلمين ، وعلى هذا قال القاضي عياض - رضي الله عنه - : المراد بكونهم عن اليمين الحالة الحسنة والمنزلة الرفيعة ، قال ابن عرفة : يقال : أتاه عن يمينه إذا جاءه من الجهة المحمودة ، والعرب تنسب الفعل المحمود والإحسان إلى اليمين ، وضده إلى اليسار . قالوا : واليمين مأخوذ من اليمن .

                                                                                                                وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( وكلتا يديه يمين ) فتنبيه على أنه ليس المراد باليمين جارحة ، تعالى الله عن ذلك ، فإنها مستحيلة في حقه سبحانه وتعالى .

                                                                                                                وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) فمعناه : أن هذا الفضل إنما هو لمن عدل فيما تقلده من خلافة أو إمارة أو قضاء أو حسبة أو نظر على يتيم أو صدقة أو وقف ، وفيما يلزمه من حقوق أهله وعياله ونحو ذلك . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية