الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4153 حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن سهيل يعني ابن أبي صالح عن سعيد بن يسار الأنصاري عن زيد بن خالد الجهني عن أبي طلحة الأنصاري قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تمثال وقال انطلق بنا إلى أم المؤمنين عائشة نسألها عن ذلك فانطلقنا فقلنا يا أم المؤمنين إن أبا طلحة حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا فهل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ذلك قالت لا ولكن سأحدثكم بما رأيته فعل خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وكنت أتحين قفوله فأخذت نمطا كان لنا فسترته على العرض فلما جاء استقبلته فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي أعزك وأكرمك فنظر إلى البيت فرأى النمط فلم يرد علي شيئا ورأيت الكراهية في وجهه فأتى النمط حتى هتكه ثم قال إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن قالت فقطعته وجعلته وسادتين وحشوتهما ليفا فلم ينكر ذلك علي حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن سهيل بإسناده مثله قال فقلت يا أمه إن هذا حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقال فيه سعيد بن يسار مولى بني النجار

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( بيتا فيه كلب ولا تمثال ) : بكسر التاء هو الصورة مطلقا والمراد صورة الحيوان ( وقال انطلق بنا ) : القائل زيد بن خالد والخطاب لسعيد بن يسار ( وكنت أتحين ) [ ص: 163 ] : بصيغة المتكلم من باب التفعل أي أطلب وأنتظر حين رجوعه صلى الله عليه وسلم ( قفوله ) : أي رجوعه ( فأخذت نمطا ) : بفتحتين قال النووي : المراد بالنمط هنا بساط لطيف له خمل ، وفي فتح الودود ثوب من صوف يفرش ويجعل سترا ويطرح على الهودج ( فسترته على العرض ) : بالضاد المعجمة .

                                                                      قال الخطابي في المعالم : العرض الخشبة المعترضة يسقف بها البيت ثم يوضع عليها الخشب الصغار يقال عرضت البيت تعريضا انتهى .

                                                                      وفي النهاية لابن الأثير رحمه الله تعالى حديث عائشة نصبت على باب حجرتي عباءة مقدمه من غزاة خيبر أو تبوك فهتك العرض حتى وقع الأرض

                                                                      قال الهروي : المحدثون يروونه بالضاد المعجمة وهو بالصاد المهملة وبالسين وهو خشب توضع على البيت عرضا إذا أرادوا تسقيفه ثم توضع عليها أطراف الخشب الصغار يقال عرصت البيت تعريصا وذكره أبو عبيد بالسين وقال والبيت المعرس الذي له عرس وهو الحائط يجعل بين حائطي البيت لا يبلغ به أقصاه .

                                                                      والحديث جاء في سنن أبي داود ، بالضاد المعجمة وشرحه الخطابي في المعالم وفي غريب الحديث بالصاد المهملة وقال : قال الراوي : العرض وهو غلط .

                                                                      وقال الزمخشري إنه العرص بالمهملة وشرح نحو ما تقدم .

                                                                      قال وقد روي بالضاد المعجمة لأنه يوضع على البيت عرضا انتهى كلام ابن الأثير

                                                                      ( فرأى النمط ) : وفي بعض روايات مسلم تصريح بأن هذا النمط كان فيه صور الخيل ذوات الأجنحة ( حتى هتكه ) : أي قطعه وأتلف الصورة التي فيه ( إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن ) : وفي رواية مسلم ( والطين ) مكان ( واللبن ) .

                                                                      قال النووي : استدلوا به على أنه يمنع من ستر الحيطان وتنجيد البيوت بالثياب وهو منع كراهة تنزيه لا تحريم هذا هو الصحيح قال وليس في هذا الحديث ما يقتضي تحريمه لأن حقيقة اللفظ أن الله لم يأمرنا بذلك وهذا يقتضي أنه ليس [ ص: 164 ] بواجب ولا مندوب ولا يقتضي التحريم انتهى

                                                                      ( فقطعته وجعلته وسادتين ) : فيه أن الصورة إذ غيرت لم يكن بها بأس بعد ذلك وجاز افتراشها والارتفاق عليها .

                                                                      وقال عبد الحق المحدث الدهلوي : ولا يخفى أن سياق الحديث يدل على أن المنع والهتك لم يكن من جهة التصوير بل لكراهة كسوة الجدار انتهى

                                                                      قلت : التصوير وكسوة الجدار كلاهما أمران منكران أنكر عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم بطوله وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه ببعضه .




                                                                      الخدمات العلمية