الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب الأمر والنهي

                                                                      4336 حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا يونس بن راشد عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم إلى قوله فاسقون ثم قال كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا حدثنا خلف بن هشام حدثنا أبو شهاب الحناط عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن سالم عن أبي عبيدة عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه زاد أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعننكم كما لعنهم قال أبو داود رواه المحاربي عن العلاء بن المسيب عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن سالم الأفطس عن أبي عبيدة عن عبد الله ورواه خالد الطحان عن العلاء عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن علي بن بذيمة ) : بفتح الموحدة وكسر المعجمة الخفيفة بعدها تحتانية ساكنة الجزري ثقة رمي بالتشيع ( عن أبي عبيدة ) : هو ابن عبد الله بن مسعود قاله المنذري ( فلا يمنعه ذلك ) : أي ما رآه من ذلك أمس ( أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ) : أي من أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، والكل على وزن فعيل بمعنى فاعل ، هو من يصاحبك في الأكل والشرب والقعود ( ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ) : يقال ضرب اللبن بعضه ببعض أي خلطه . ذكره الراغب وقال ابن الملك رحمه الله الباء للسببية أي سود الله قلب من لم يعص بشؤم من عصى فصارت قلوب جميعهم قاسية بعيدة عن قبول الحق والخير أو الرحمة بسبب المعاصي ومخالطة بعضهم بعضا انتهى . قال القاري : وقوله " قلب من لم يعص " ليس على إطلاقه لأن مؤاكلتهم ومشاربتهم من غير إكراه وإلجاء بعد عدم انتهائهم عن معاصيهم معصية ظاهرة ; لأن مقتضى البغض في الله أن يبعدوا عنهم ويهاجروهم انتهى . قلت : ما قال القاري حق صراح ( لعن الذين كفروا إلخ ) : هذه الآية في آخر سورة المائدة ( ثم قال ) : أي النبي صلى الله عليه وسلم ( بالمعروف ) : المعروف ما عرف في الشرع يعني أمر معروف بين الناس يعرفونه ولا ينكرونه إذا رأوه ، والمنكر أمر لا يعرف في الشرع بل منكر ينكره من رآه كالشخص الذي لا يعرفه الناس وينكرونه إذا رأوه ( ولتأطرنه على الحق أطرا ) : قال الخطابي : أي لتردنه على الحق ، وأصل الأطر العطف والتثني .

                                                                      وقال في النهاية وتأطروه على الحق أطرا [ ص: 380 ] تعطفوه عليه ( ولتقصرنه على الحق قصرا ) : أي لتحبسنه عليه وتلزمنه إياه ، كذا في مرقاة الصعود .

                                                                      وفي النهاية يقال قصرت نفسي على الشيء إذا حبستها عليه وألزمتها إياه ، ومنه الحديث وليقصرنه على الحق قصرا قال المنذري : وأخرجه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حسن غريب ، وذكر أن بعضهم رواه عن أبي عبيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا . وأخرجه ابن ماجه أيضا مرسلا وقد تقدم أن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه فهو منقطع . ( أخبرنا أبو شهاب الحناط ) : اسمه عبد ربه بن نافع الكناني وهو الأصغر وثقه ابن معين . قال النسائي : ليس بالقوي ( زاد ) : أي سالم بعد قوله ولتقصرنه على الحق قصرا ( أو ليضربن الله ) : أي ليخلطن ( بقلوب بعضكم على بعض ) : الباء زائدة لتأكيد التعدية ( ثم ليلعننكم ) أي الله ( كما لعنهم ) : أي بني إسرائيل على كفرهم ومعاصيهم . والمعنى أن أحد الأمرين واقع قطعا ( رواه المحاربي عن العلاء بن المسيب إلخ ) : حاصله أن المحاربي خالف أبا شهاب الحناط لأنه ذكر بين العلاء بن المسيب وسالم عبد الله بن عمرو بن مرة مكان عمرو بن مرة ، وخالفهما خالد الطحان لأنه لم يذكر سالما .




                                                                      الخدمات العلمية