الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2007 حدثنا أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد حدثنا محمد بن فضيل عن الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن الوليد بن عبد الله بن جميع ) بضم الجيم وفتح الميم مصغرا ، الزهري المكي نزيل الكوفة صدوق يهم ، ورمي بالتشيع من الخامسة .

                                                                                                          [ ص: 123 ] قوله : ( لا تكونوا إمعة ) بكسر الهمزة وتشديد الميم والهاء للمبالغة وهمزته أصلية ولا يستعمل ذلك في النساء فلا يقال امرأة إمعة كذا في النهاية ، وقال صاحب الفائق : هو الذي يتابع كل ناعق ويقول لكل أحد أنا معك لأنه لا رأي له يرجع إليه ، ومعناه : المقلد الذي يجعل دينه تابعا لدين غيره بلا رؤية ولا تحصيل برهان انتهى كلامه ، قال القاري بعد نقل هذا الكلام عن الفائق ما لفظه : وفيه إشعار بالنهي عن التقليد المجرد حتى في الأخلاق فضلا عن الاعتقادات والعبادات ، وفي القاموس : الإمع كهلع وهلعة ويفتحان ؛ الرجل يتابع كل واحد على رأيه لا يثبت على شيء ، ومتبع الناس إلى الطعام من غير أن يدعى والمحقب الناس دينه والمتردد في غير صنعة ، ومن يقول أنا مع الناس ولا يقال امرأة إمعة ، أو قد يقال وتأمع واستأمع صار إمعة ، وقيل : هو الرجل الذي يكون لضعف رأيه مع كل واحد ، والمراد هنا من يكون مع ما يوافق هواه ويلائم إرب نفسه وما يتمناه ، وقيل المراد هنا الذي يقول أنا مع الناس كما يكونون معي إن خيرا فخير وإن شرا فشر .

                                                                                                          قال القاري : وهذا المعنى هو المتعين كما يدل عليه قوله تقولون إن أحسن الناس أي إلينا أو إلى غيرنا أحسنا أي جزاء أو تبعا لهم ( وإن ظلموا ) أي ظلمونا أو ظلموا غيرنا فكذلك نحن ( ظلمنا ) على وفق أعمالهم ، قال الطيبي قوله تقولون إلخ بيان وتفسير للإمعة ; لأن معنى قوله إن أحسن الناس وإن ظلموا إنا نقلد الناس في إحسانهم وظلمهم ونقتفي أثرهم .

                                                                                                          ( ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا إلخ ) قال في القاموس : توطين النفس تمهيدها وتوطنها تمهدها انتهى ، وفي المنجد : وطن نفسه على الأمر وللأمر هيأها لفعله وحملها عليه انتهى ، وفي أساس البلاغة : أوطن الأرض ووطنها واستوطنها ، ومن المجاز وطنت نفسي على كذا فتوطنت قال الشاعر :

                                                                                                          ولا خير فيمن لا يوطن نفسه على نائبات الدهر حين تنوب

                                                                                                          قال الطيبي : إن تحسنوا متعلق بقوله وطنوا ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه إن تحسنوا ، والتقدير وطنوا أنفسكم على الإحسان إن أحسن الناس فأحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا لأن عدم الظلم إحسان .




                                                                                                          الخدمات العلمية