الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في النمام

                                                                                                          2026 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال مر رجل على حذيفة بن اليمان فقيل له إن هذا يبلغ الأمراء الحديث عن الناس فقال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة قتات قال سفيان والقتات النمام وهذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في النمام ) قال الجزري في النهاية : النميمة نقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد والشر ، وقد نم الحديث ينمه وينمه فهو نمام ، والاسم النميمة ، ونم الحديث إذا ظهر فهو متعد ولازم انتهى .

                                                                                                          قوله : ( فقيل له هذا يبلغ الأمراء الحديث عن الناس ) ، ولفظ البخاري : فقيل له إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان ( لا يدخل الجنة ) : أي في أول وهلة كما في نظائره ( قتات ) قاف مثناة ثقيلة وبعد الألف مثناة أخرى ووقع بلفظ نمام في رواية أبي وائل عن حذيفة عند مسلم ، قال في النهاية : القتات هو النمام ، يقال قت الحديث يقته إذا زوره وهيأه وسواه ، وقيل النمام الذي يكون مع القوم يتحدثون فينم عليهم ، والقتات الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون ثم ينم ، والقساس الذي يسأل عن الأخبار ثم ينمها انتهى ، قال الحافظ في الفتح قال الغزالي ما ملخصه :

                                                                                                          ينبغي لمن حملت إليه نميمة أن لا يصدق من نم له ، ولا يظن بمن نم عنه ما نقل عنه ، ولا [ ص: 146 ] يبحث عن تحقيق ما ذكر له ، وأن ينهاه ويقبح له فعله ، وأن يبغضه إن لم ينزجر ، وأن لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه فينم هو على النمام فيصير نماما قال النووي : وهذا كله إذا لم يكن في النقل مصلحة شرعية وإلا فهي مستحبة أو واجبة ، كمن اطلع من شخص أنه يريد أن يؤذي شخصا ظلما فحذره منه ، وكذا من أخبر الإمام أو من له ولاية يسيرة نائبة مثلا فلا منع عن ذلك ، وقال الغزالي ما ملخصه : النميمة في الأصل نقل القول إلى القول فيه ولا اختصاص لها بذلك بل ضابطها كشف ما يكره كشفه ، سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو غيرهما سواء كان المنقول قولا أم فعلا وسواء كان عيبا أم لا ، حتى لو رأى شخصا يخفي ماله فأفشى ، كان نميمة ، واختلف في الغيبة والنميمة هل هما متغايرتان أو متحدتان ؟ والراجح التغاير وأن بينهما عموما وخصوصا وجهيا ، وذلك لأن النميمة نقل حال الشخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه سواء كان بعلمه أم بغير علمه والغيبة ذكره في غيبته بما لا يرضيه ، فامتازت النميمة بقصد الإفساد ، ولا يشترط ذلك في الغيبة ، وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه واشتركتا فيما عدا ذلك ، ومن العلماء من يشترط في الغيبة أن يكون المقول فيه غائبا انتهى ما في الفتح .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وأبو داود .




                                                                                                          الخدمات العلمية