الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2961 حدثنا عبد بن حميد أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى نوح فيقال هل بلغت فيقول نعم فيدعى قومه فيقال هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد فيقال من شهودك فيقول محمد وأمته قال فيؤتى بكم تشهدون أنه قد بلغ فذلك قول الله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا والوسط العدل قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح حدثنا محمد بن بشار حدثنا جعفر بن عون عن الأعمش نحوه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله ( يدعى نوح ) وفي رواية ( يجاء بنوح يوم القيامة ) ( فيقال ) أي لنوح ( فيقول نعم ) وهذا لا ينافي قوله تعالى : يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب لأن الإجابة غير التبليغ ، وهي تحتاج إلى تفصيل لا يحيط بكنهه إلا علمه سبحانه ، بخلاف نفس التبليغ لأنه من العلوم الضرورية البديهية ( ما أتانا من نذير ) أي منذر لا هو ولا غيره [ ص: 239 ] مبالغة في الإنكار توهما أنه ينفعهم الكذب في ذلك اليوم عن الخلاص من النار ، ونظيره قول جماعة من الكفار : والله ربنا ما كنا مشركين ( وما أتانا من أحد ) أي غير النذير للتبليغ ( فيقال ) أي لنوح ( من شهودك ) وإنما طلب الله من نوح شهداء على تبليغه الرسالة أمته وهو أعلم به إقامة للحجة وإنافة لمنزلة أكابر هذه الأمة ( فيقول : محمد وأمته ) والمعنى أن أمته شهداء وهو مزك لهم وقدم في الذكر للتعظيم ولا يبعد أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يشهد لنوح عليه الصلاة والسلام أيضا لأنه محل النصرة ، وقد قال تعالى : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين إلى قوله : لتؤمنن به ولتنصرنه ( فيؤتى بكم تشهدون ) ، قال الحافظ : وقد روى هذا الحديث أبو معاوية عن الأعمش بهذا الإسناد أتم من سياق غيره وأشمل ولفظه : يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل ويجيء النبي ومعه الرجلان ويجيء النبي ومعه أكثر من ذلك ، قال : فيقال لهم : أبلغكم هذا ؟ فيقولون : لا ، فيقال للنبي : أبلغتهم ، فيقول : ( نعم ) فيقال له : من يشهد لك ، الحديث أخرجه أحمد عنه والنسائي وابن ماجه ( أنه قد بلغ ) قال الحافظ : زاد أبو معاوية فيقال وما علمكم؟ فيقولون : أخبرنا نبينا أن الرسل قد بلغوا فصدقناه ويؤخذ من حديث أبي بن كعب تعميم ذلك ، فأخرج ابن أبي حاتم بسند جيد عن أبي العالية عن أبي بن كعب في هذه الآية قال لتكونوا شهداء وكانوا شهداء على الناس يوم القيامة كانوا شهداء على قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وغيرهم أن رسلهم بلغتهم وأنهم كذبوا رسلهم . قال أبو العالية وهي قراءة أبي : " لتكونوا شهداء على الناس يوم القيامة " ومن حديث جابر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ما من رجل من الأمم إلا ود أنه منا أيتها الأمة ، ما من نبي كذبه قومه إلا ونحن شهداؤه يوم القيامة أن قد بلغ رسالة الله ونصح لهم .

                                                                                                          لتكونوا شهداء على الناس أي على من قبلكم من الكفار أن رسلهم بلغتهم ويكون الرسول أي رسولكم واللام للعوض أو اللام للعهد والمراد به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليكم شهيدا أنه بلغكم ( والوسط العدل ) هو مرفوع من نفس الخبر وليس بمدرج من قول بعض الرواة كما تقدم .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم .




                                                                                                          الخدمات العلمية