الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2996 حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان فقال الأشعث بن قيس في والله كان ذلك كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألك بينة فقلت لا فقال لليهودي احلف فقلت يا رسول الله إذن يحلف فيذهب بمالي فأنزل الله تبارك وتعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن ابن أبي أوفى

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن عبد الله ) أي ابن مسعود رضي الله عنه ( من حلف على يمين ) المراد باليمين هنا المحلوف عليه مجازا ( وهو فيها فاجر ) أي كاذب والجملة حالية ( ليقتطع بها مال امرئ مسلم ) أي ليفصل قطعة من ماله ويأخذها بتلك اليمين ( لقي الله ) أي يوم القيامة ( وهو عليه غضبان ) أي يعرض عنه ولا ينظر إليه بعين الرحمة والعناية وغضبان غير منصرف وهو صيغة مبالغة قاله القاري .

                                                                                                          قلت : لا حاجة إلى هذا التأويل والصحيح أن لفظ غضبان محمول على ظاهره وكيفية غضبه تعالى موكولة إليه ( في ) بتشديد الياء المفتوحة أي في شأني وحالي ( كان ذلك ) أي قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( من حلف على يمين ) إلخ ( كان بيني وبين رجل من اليهود أرض ) أي متنازع فيها ( فجحدني ) أي أنكر علي ( فقدمته ) بالتشديد أي جئت به ورفعت أمره ( ألك بينة ) أي شهود ( فقال لليهودي [ ص: 276 ] احلف ) في شرح السنة فيه دليل على أن الكافر يحلف في الخصومات كما يحلف المسلم ( وإذن ) بالنون ( يحلف ) بالنصب ( فأنزل الله تبارك وتعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية ) قال الطيبي : فإن قلت كيف يطابق نزول هذه الآية قوله : إذن يحلف فيذهب بمالي؟ قلت : فيه وجهان : أحدهما - كأنه قيل للأشعث : ليس لك عليه إلا الحلف فإن كذب فعليه وباله . وثانيهما - لعل الآية تذكار لليهودي بمثلها في التوراة من الوعيد . والآية بتمامها مع تفسيرها هكذا إن الذين يشترون يستبدلون بعهد الله إليهم بالإيمان بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأداء الأمانة وأيمانهم حلفهم به تعالى كذبا ثمنا قليلا من الدنيا أولئك لا خلاق نصيب لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله غضبا عليهم ولا ينظر إليهم يرحمهم يوم القيامة ولا يزكيهم يطهرهم ولهم عذاب أليم مؤلم .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن أبي أوفى ) أخرجه البخاري عنه أن رجلا أقام سلعة في السوق فحلف بها لقد أعطى بها ما لم يعط ليوقع فيها رجلا من المسلمين فنزلت إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية .

                                                                                                          قال الحافظ : لا منافاة بين حديث عبد الله بن أبي أوفى وحديث عبد الله بن مسعود ويحمل على أن النزول كان بالسببين جميعا ولفظ الآية أعم من ذلك ، ولهذا وقع في صدر حديث عبد الله بن مسعود ما يقتضي ذلك .




                                                                                                          الخدمات العلمية