الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3166 حدثنا سعيد بن يحيى الأموي حدثني أبي حدثنا محمد بن إسحق عن أبي الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام في شيء قط إلا في ثلاث قوله إني سقيم ولم يكن سقيما وقوله لسارة أختي وقوله بل فعله كبيرهم هذا وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يستغرب من حديث ابن إسحق عن أبي الزناد قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( لم يكذب إبراهيم عليه السلام في شيء قط إلا في ثلاث قوله إني سقيم ولم يكن سقيما ) بجر " قوله " على أنه بدل من ثلاث ويجوز الرفع والنصب وذلك عندما طلبوا منه عليه الصلاة والسلام أن يخرج معهم إلى عيدهم فأراد أن يتخلف عنهم للأمر الذي هم به فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم ، وفيه إيهام منه أنه استدل بأمارة علم النجوم على أنه سيسقم ليتركوه فيفعل بالأصنام ما أراد أن يفعل أو سقيم القلب لما فيه من الغيظ باتخاذكم النجوم آلهة أو بعبادتكم الأصنام ( وقوله لسارة أختي ) بالوجوه الثلاثة وذلك أنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك فإن سألك فأخبريه أنك أختي في الإسلام وقوله بل فعله كبيرهم هذا قال ذلك حين كسر عليه الصلاة والسلام أصنامهم إلا كبيرها وعلق الفأس في عنقه . قال النووي : قال المازري : أما الكذب فيما طريقه البلاغ عن الله تعالى فالأنبياء معصومون منه سواء كثيره وقليله ، وأما ما لا يتعلق بالبلاغ ويعد من الصغائر كالكذبة الواحدة في حقير من أمور الدنيا ففي إمكان وقوعه منهم وعصمتهم منه القولان المشهوران للسلف والخلف . قال القاضي عياض : الصحيح أن الكذب فيما يتعلق بالبلاغ لا يتصور وقوعه منهم سواء جوزنا الصغائر منهم وعصمتهم منها أم لا ، وسواء قل الكذب أم كثر لأن منصب النبوة يرتفع عنه وتجويزه يرفع الوثوق بأقوالهم ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ثنتين في ذات الله وواحدة في شأن سارة . فمعناه أن الكذبات المذكورة إنما هي بالنسبة إلى فهم المخاطب والسامع وأما في نفس الأمر فليست كذبا مذموما لوجهين : أحدهما - أنه ورى بها فقال في سارة أختي في الإسلام [ ص: 6 ] وهو صحيح في باطن الأمور . والوجه الثاني - أنه لو كان كذبا لا تورية فيه لكان جائزا في دفع الظالمين . قال المازري : وقد تأول بعضهم هذه الكلمات وأخرجها عن كونها كذبا ولا معنى للامتناع من إطلاق لفظ أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النووي : أما إطلاق لفظ الكذب عليها فلا يمتنع لورود الحديث به وأما تأويلها فصحيح لا مانع منه وقد جاء ذلك مفسرا في غير مسلم فقال : ما فيها كذبة إلا يماحل بها عن الإسلام أي يجادل ويدافع انتهى ملخصا قوله ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية