الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3214 حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبي صالح عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه فعذرني ثم أنزل الله تعالى إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي الآية قالت فلم أكن أحل له لأني لم أهاجر كنت من الطلقاء قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث السدي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن السدي ) اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن ( عن أبي صالح ) اسمه باذام ويقال له باذان . قوله : ( فاعتذرت إليه فعذرني ) قال في الصراح : الاعتذار غدر " خواستن " والعذر بالضم والسكون معذور " داشتن " . وقال صاحب المشكاة في الإكمال في ترجمة أم هانئ رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها في الجاهلية وخطبها هبيرة بن أبي وهب فزوجها أبو طالب من هبيرة وأسلمت ففرق الإسلام بينها وبين هبيرة وخطبها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : والله إن كنت لأحبك في الجاهلية فكيف في الإسلام ولكني امرأة مصبية فسكت عنها انتهى . وقولها " إني امرأة مصبية " بضم الميم وسكون الصاد وكسر الموحدة أي ذات صبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن أي مهورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك أي أباح لك التسري مما أخذت من المغانم وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليه السلام وكانتا من السراري رضي الله عنهما وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك أي إلى المدينة فمن لم تهاجر منهن لم يجز نكاحها ( الآية ) [ ص: 55 ] بقيتها مع تفسيرها هكذا وامرأة مؤمنة أي وأحللنا لك امرأة مصدقة بالتوحيد وهذا يدل على أن الكافرة لا تحل له قال إمام الحرمين : وقد اختلف في تحريم الحرة الكافرة عليه . قال ابن العربي : والصحيح عندي تحريمها وبهذا يتميز علينا فإنه ما كان في جانب الفضائل والكرامات فحظه فيه أكثر وما كان من جانب النقائض فجانبه عنها أطهر . فجوز لنا نكاح الحرائر الكتابيات وقصر هو صلى الله عليه وسلم على المؤمنات ولهذا كان لا تحل له الكتابية الكافرة لنقصانها بالكفر انتهى إن وهبت نفسها للنبي إن أراد أي النبي أن يستنكحها أي يطلب نكاحها خالصة لك من دون المؤمنين لفظ " خالصة " حال من الضمير في " وهبت " أو مصدر مؤكد أي خلص لك إحلال ما أحللنا لك خالصة بمعنى خلوصا والفاعلة في المصادر غير عزيز كالعافية والكاذبة وكان من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن النكاح ينعقد في حقه بمعنى الهبة من غير ولي ولا شهود ولا مهر لقوله : خالصة لك من دون المؤمنين ، والزيادة على أربع ووجوب تخيير النساء . واختلفوا في انعقاد النكاح بلفظ الهبة في حق الأمة فذهب أكثرهم إلى أنه لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح أو التزويج وهو قول سعيد بن المسيب ، والزهري ، ومجاهد ، وعطاء وبه قال مالك ، والشافعي ، وقال إبراهيم النخعي وأهل الكوفة : ينعقد بلفظ التمليك والهبة ، ومن قال بالقول الأول اختلفوا في نكاح النبي صلى الله عليه وسلم فذهب قوم إلى أنه كان ينعقد في حقه صلى الله عليه وسلم بلفظ الهبة لقوله تعالى : خالصة لك من دون المؤمنين وذهب الآخرون إلى أنه لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح أو التزويج كما في حق سائر الأمة لقوله تعالى : إن أراد النبي أن يستنكحها وكان اختصاصه في ترك المهر لا في لفظ النكاح ( قالت ) أي أم هانئ ( كنت من الطلقاء ) بضم الطاء المهملة وفتح اللام وبالمد جمع طليق هم الذين أسلموا يوم الفتح ومن عليهم وخلى عنهم . قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه ابن جرير والطبراني وابن أبي حاتم .




                                                                                                          الخدمات العلمية