الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3439 حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا حماد بن زيد عن عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر يقول اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب ومن الحور بعد الكون ومن دعوة المظلوم ومن سوء المنظر في الأهل والمال قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ويروى الحور بعد الكور أيضا ومعنى قوله الحور بعد الكون أو الكور وكلاهما له وجه يقال إنما هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية إنما يعني من الرجوع من شيء إلى شيء من الشر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( واخلفنا ) بضم اللام من باب نصر أي كن خليفتنا ( ومن الحور بعد الكور ) أي من النقصان بعد الزيادة وقيل من فساد الأمور بعد صلاحها ، وأصل الحور نقض العمامة بعد لفها وأصل الكور من تكوير العمامة وهو لفها وجمعها ( ومن دعوة المظلوم ) أي أعوذ بالله من الظلم فإنه يترتب عليه دعاء المظلوم ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ، ففيه التحذير من الظلم ومن التعرض لأسبابه . قال الطيبي فإن قلت : دعوة المظلوم يحترز عنها سواء كانت في الحضر أو السفر ، قلت كذلك الحور بعد الكور لكن السفر مظنة البلايا والمصائب والمشقة فيه أكثر فخصت به انتهى . ويريد به أنه حينئذ مظنة للنقصان في الدين والدنيا وباعث على التعدي في حق الرفقة وغيرهم لا سيما في مضيق الماء كما هو مشاهد في سفر الحج فضلا عن غيره ( ومن سوء المنظر ) بفتح الظاء ( في الأهل والمال ) أي من أن يطمع ظالم أو فاجر في المال والأهل قاله القاري ، وقال في المجمع : سوء المنظر في الأهل والمال أن يصيبهما آفة بسوء النظر إليه . قوله : ( هذا حديث [ ص: 282 ] حسن صحيح ) أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه ( ويروى الحور بعد الكون أيضا ) كذا رواه مسلم في صحيحه بالنون . قال النووي : هكذا هو في معظم النسخ من صحيح مسلم بعد الكون بالنون بل لا يكاد يوجد في نسخ بلادنا إلا بالنون . وكذا ضبطه الحفاظ المتقنون في صحيح مسلم ( ومعنى قوله الحور بعد الكون أو الكور إلخ ) قال النووي بعد ذكر كلام الترمذي هذا وكذا قال غيره من العلماء معناه بالراء والنون جميعا الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص ، قالوا : ورواية الراء : مأخوذة من تكوير العمامة وهو لفها وجمعها ، ورواية النون : مأخوذة من الكون مصدر كان يكون كونا إذا وجد واستقر أي أعوذ بك من النقص بعد الوجود والثبات . قال المازري في رواية الراء قيل أيضا : إن معناه : أعوذ بك من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا فيها ، يقال : كار عمامته إذا لفها ، وحارها إذا نقضها . وقيل : نعوذ بك من أن تفسد أمورنا بعد صلاحها كفساد العمامة بعد استقامتها على الرأس . وعلى رواية النون قال أبو عبيد : سئل عاصم عن معناه فقال : ألم تسمع قولهم : ( حار بعد ما كان ) أي أنه كان على حالة جميلة فرجع عنها انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية