الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          إعجاز القرآن بسلامته من الاختلاف :

                          ( الوجه الرابع ) : سلامته على طوله من التعارض والتناقض والاختلاف ، خلافا لجميع كلام البشر ، وهو المراد بقوله تعالى : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) ( 4 : 82 ) وإننا نجد كبار العلماء في كل عصر يصنفون الكتاب فيسودون ، ثم يصححون ويبيضون ، ثم يطبعون وينشرون ، ثم يظهر لهم ولغيرهم كثير من التعارض والاختلاف والأغلاط اللفظية والمعنوية ولا سيما إذا طال الزمان ، وهذا أمر مشهور في جميع الأمم .

                          ( فإن قيل ) : إن غير المؤمنين بالقرآن قد استخرجوا منه بعض الاختلاف والتعارض ، فاضطر علماء المسلمين إلى الجواب عنها يزعمون أنه دفع الإيراد ، وأظهر بطلان الانتقاد ، وأن المسلم يقبل ذلك منهم تقليدا ، وإن لم يكن في نفسه سديدا ( قلت ) : إذا كانت عين الرضى متهمة فعين السخط أولى بالتهمة ، وإننا إذا لم نلتفت إلى كلام أعداء القرآن الذين يخترعون التهم أو يزينونها بخلابة القول - ولا إلى المقلدين من المسلمين - وعرضنا ما ذكر من ظواهر الاختلاف على فريق المستدلين المستقلين من الفريقين نرى أنه ليس في القرآن تعارض حقيقي معنوي يعد مطعنا صحيحا فيه ، ويرى الناظر في تفسيرنا هذا وفي مجلتنا ( المنار ) بيان كل ما علمناه من ذلك مع الجواب المعقول عنه ، ولكن هذا النوع من الإعجاز إنما يظهر في جملة القرآن في السور الطويلة منه لا في كل سورة ، فإن سلامة السورة القصيرة من ذلك لا يعد أمرا معجزا يتحدى به .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية