الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي فقيل له يا رسول الله وما تزهي فقال حين تحمر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1304 1292 - ( مالك ، عن حميد الطويل ) الخزاعي البصري ( عن أنس بن مالك : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى ) تحريما ( عن بيع الثمار حتى تزهي ) بضم الفوقية ، من أزهى بالياء ، قال الخليل : أزهى النخل بدا صلاحه ، وفي رواية تزهو بالواو وصوبها بعضهم ، وأنكر الياء ، وصوب الخطابي الياء ونفى تزهو بالواو ، قال ابن الأثير : والصواب الروايتان على اللغتين ، يقال : زها يزهو إذا ظهرت ثمرته ، وأزهى يزهي إذا احمر واصفر . ( فقيل له : يا رسول الله وما تزهي ؟ فقال : حين تحمر ) بشد الراء ، وهذا صريح في الرفع ، ورواه بعضهم عن حميد موقوفا على أنس والصواب رفعه . وفي رواية قتيبة عن مالك فقال : حتى تزهي ، قال : حتى تحمار ، بفتح الفوقية وسكون المهملة فميم فألف فراء مشددة . ( و قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أرأيت إذا منع الله الثمرة ) بأن تلفت ( فبم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ ) بحذف ألف ما الاستفهامية عند دخول حرف الجر مثل قولهم : فيم وعلام وحتام ، ولما كانت الاستفهامية متضمنة للهمزة ولها صدر الكلام ، انبغى أن يقدر " أبم " والهمزة للإنكار ، فالمعنى لا ينبغي أن يأخذ أحدكم مال أخيه باطلا ; لأنه إذا تلفت الثمرة لا يبقى للمشتري في مقابلة ما دفعه شيء ، وفيه إجراء الحكم على الغالب ؛ لأن تطرق التلف إلى ما بدا صلاحه ممكن ، وعدم تطرقه إلى ما لم يبد صلاحه ممكن ، فأنيط الحكم بالغالب في الحالين ، وصرح مالك برفع هذا ، وتابعه الدراوردي عن حميد ، وقال الدارقطني : خالف مالكا جماعة منهم ابن المبارك وهشيم ومروان بن معاوية ويزيد بن هارون فقالوا فيه : قال أنس : أرأيت إن منع الله الثمرة . . . إلخ ، قال الحافظ : وليس فيه ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعا ; لأن مع الذي رفعه زيادة علم على ما عند الذي وقفه ، وليس في رواية من وقفه ما ينفي رواية من رفعه ، وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ما يقوي رواية الرفع في حديث أنس ، ولفظه : " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته عاهة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ، بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ " . وقال ابن خزيمة : رأيت مالك بن أنس في المنام فأخبرني أنه مرفوع اهـ . وقد رواه البخاري في الزكاة عن قتيبة عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم من طريق ابن وهب كلاهما عن مالك به . ورواه البخاري في الزكاة عن قتيبة عن مالك مختصرا بدون قوله : [ ص: 395 ] وقال : أرأيت إن منع . . . إلخ ، فكأن مالكا حدث به على الوجهين والبخاري اختصره .




                                                                                                          الخدمات العلمية