الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3207 ] 5136 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رجلا يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه . فقال أبو هريرة : بلى والله ، حتى الحبارى لتموت في وكرها هزلا لظلم الظالم . روى البيهقي الأحاديث الأربعة في " شعب الإيمان " .

التالي السابق


5136 - ( وعن أبي هريرة أنه سمع رجلا يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه ) : وهذا الكلام حق لقوله تعالى : ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وقوله : من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وكأن أبا هريرة فهم أنه أراد بهذا أنه لا يسري أثر ظلمه إلا إلى نفسه كما يدل عليه الحصر ( فقال : بلى ) أي : بلى قد يضر غيره أيضا ، وليس ينحصر أثر ضرره على نفسه ( والله حتى ) أي : حتى يتعدى إلى غيره من الإنسان والحيوان المستأنس وغيره حتى ( الحبارى ) : بضم الحاء طير مشهور ( لتموت في وكرها ) أي : بيتها وعشها ( هزلا ) : بضم هاء وسكون زاي نقيض السمن ( لظلم الظالم ) أي : لأجل ظلمه ولكن الله يعفو عن كثير ويمهل عن بعض ولا يهمل حق المظلوم وإليه الإشارة لقوله تعالى : ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة الآية . وفي النهاية : يعني أن الله تعالى يحبس القطر عن الحبارى بشؤم ذنوب الظالم ، وإنما خصها بالذكر لأنها أبعد الطير نجعة أي : طبعا للكلأ الناشئ من الغيث ، فربما تذبح بالبصرة ، ويوجد في حوصلتها الحبة الخضراء وبين البصرة ومبيتها مسيرة أيام . قال الطيبي : قوله : بلى إيجاب لما نفي قبله وههنا وقعت جوابا للمنبت فالوجه أن يقال : إن مفهوم قوله لا يضر إلا نفسه لا يضر غيره . فقال : بلى يضر غيره حتى يضر الحبارى ( روى البيهقي الأحاديث الأربعة في شعب الإيمان ) : أما الحديث الأخير فهو موقوف على أبي هريرة .

وأما الأول : فقد رواه أحمد والحاكم في مستدركه أيضا على ما في الجامع ولفظه : " الدواوين ثلاثة فديوان لا يغفر الله منه شيئا ، وديوان لا يعبأ الله به شيئا ، وديوان لا يترك الله منه شيئا ، أما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئا فالإشراك بالله ، وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم يوم تركه أو صلاة تركها ، فإن الله يغفر ذلك إن شاء ويتجاوز ، وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا فمظالم للعباد بينهم ، القصاص لا محالة .

وأما الحديث الثاني : فقد أخرجه سمويه عن أنس ولفظه : " إياك ودعوة المظلوم ، وإن كانت من كافر ; فإنه ليس لها حجاب دون الله عز وجل " رواه أحمد وأبو ليلى في مسنديهما والضياء عن أنس : " اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا ; فإنه ليس لها راد ولا حجاب " رواه الحاكم عن ابن عمر ولفظه : " اتقوا دعوة المظلوم ; فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة " ورواه الطبراني والضياء عن خزيمة بن ثابت ، ولفظه : " اتقوا دعوة المظلوم ; فإنها تحمل على الغمام ، ثم يقول الله : وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين " .

وأما الثالث : فقد أخرجه الطبراني والضياء عن أوس بن شرحبيل أيضا .




الخدمات العلمية