الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5340 - وعن أم العلاء الأنصارية ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " والله لا أدري ، والله لا أدري ، وأنا رسول الله ، ما يفعل بي ولا بكم " ، رواه البخاري .

التالي السابق


5340 - ( وعن أم العلاء الأنصارية ) ، هي من المبايعات ، روى عنها خارجة بن زيد بن ثابت وهي أمه ، كان رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يعودها في مرضها ، ( قالت : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - : " والله لا أدري " ) ، وفي نسخة ( " والله لا أدري " ) مكررا ، ( " وأنا رسول الله " ) - صلى الله عليه وسلم - جملة حالية ( " ما يفعل بي ولا بكم " ) : مفعول لا أدري ، ودخول " لا " لمزيد التأكيد ; ليفيد اشتمال النفي على كل واحد من القبيلين على حده . قال الطيبي - رحمه الله - : فيه وجوه ، أحدها : أن هذا القول منه حين قالت امرأة عثمان بن مظعون لما توفي : هنيئا لك الجنة ، زجرا لها على سوء الأدب بالحكم على الغيب ، ونظيره قوله لعائشة - رضي الله عنها ، [ ص: 3345 ] وعن أبيها - حين سمعها تقول : طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة ، قلت : لا يخفى أن هذا سبب ورود الحديث ، وزمان صدوره ، ولا مدخل له إزالة إشكال معناه . وثانيها : أن يكون هذا منسوخا بقوله تعالى : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر كما ذكره ابن عباس في قوله تعالى : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ، قلت : وفيه أن النسخ على تقدير صحته تأخير الناسخ إنما يكون في الأحكام لا في الأخبار ، كما هو مقرر في الاعتبار . وثالثها : أن يكون نفيا للدراية المفصلة دون المجملة ، قلت : هذا هو الصحيح . ورابعها : أن يكون مخصوصا بالأمور الدنيوية ، من غير نظر إلى سبب ورود الحديث ، قلت : وهذا مندرج فيما قبله والحكم بطريق الأعم هو الوجه الأتم ، والمراد بالأمور الدنيوية بالنسبة إليه - صلى الله تعالى عليه وسلم - هي الجوع والعطش ، والشبع والري ، والمرض والصحة ، والفقر والغنى ، وكذا حال الأمة . وقيل : المعنى : وأخرج من بلدي أم أقتل ، كما فعل بالأنبياء قبلي ، وأترمون بالحجارة أم يخسف بكم كالكذابين من قبلكم ؟ والحاصل أنه يريد نفي علم الغيب عن نفسه ، وأنه ليس بمطلع على المكنون .

قال التوربشتي : لا يجوز حمل هذا الحديث وما ورد في معناه على أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - كان مترددا في عاقبة أمره ، غير متيقن بما له عند الله من الحسنى ، لما ورد عنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - من الأحاديث الصحاح التي ينقطع العذر دونها بخلاف ذلك ، وأنى يحمل ذلك ، وهو المخبر عن الله تعالى أنه يبلغه المقام المحمود ، وأنه أكرم الخلائق على الله تعالى ، وأنه أول شافع وأول مشفع إلى غير ذلك . ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية