الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5914 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على ناضح قد أعيا ، فلا يكاد يسير ، فتلاحق بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( ما لبعيرك ؟ ) قلت : قد عيي ، فتخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزجره فدعا له ، فما زال بين يدي الإبل قدامها يسير فقال لي : ( كيف ترى بعيرك ؟ ) قلت : بحر ، قد أصابته بركتك . قال : ( أفتبيعنيه بوقية ؟ ) . فبعته على أن لي فقار ظهره إلى المدينة فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة غدوت عليه بالبعير ، فأعطاني ثمنه ورده علي ، متفق عليه .

التالي السابق


5914 - ( وعن جابر قال : غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على ناضح ) ، أي : راكب على بعير يستقي عليه كما في النهاية ( قد أعيا ) ، أي : عجز عن المشي . قال ابن الملك : هو لازم ومتعد ( فلا يكاد يسير ) ، أي : يقرب السير المطلوب منه ( فتلاحق ) ، أي : لحق ( بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما لبعيرك ؟ قلت : قد عيي ) : بكسر الياء أي : عجز ( فتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم - ) أي : عن العسكر وعن الناضح ( فزجره ) ، أي : بالضرب أو الصوت ( فدعا له فما زال بين يدي الإبل ) ، أي : سائرها ( قدامها ) : بدل أو بيان لقوله بين يدي الإبل ، وهو ظرف لقوله : فما زال ، ويجوز أن يكون ظرفا لقوله : ( يسير ) : وهو خبر ما زال واسمه عائد إلى ناضح كذا حققه الطيبي ( فقال لي : كيف ترى بعيرك ؟ ) ، أي : الآن ( قلت : بخير قد أصابته بركتك قال : أفتبيعنيه بوقية ) ؟ أي : بأربعين درهما صرح به .

[ ص: 3814 ] شارح ، وهو بضم الواو ويفتح وكسر القاف وتشديد التحتية . قال في المصباح : وجرى على ألسنة الناس بالفتح في الوقية وهى لغة حكاها بعضهم ، وفي نسخة صحيحة بأوقية بضم الهمز وسكون الواو ، وقيل : هذا هو المشهور والوقية يستعملها الآن المستعربون ، وهي بالضم لغة عامرية ، والأوقية لغيرهم ، ثم قيل : هي في الحديث أربعون درهما ، وعند الأطباء ومتعارف الناس الآن عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم ، وفي القاموس : الأوقية بالضم سبعة مثاقيل كالوقية بالضم وفتح المثناة التحتية مشددة وأربعون درهما ، وقيده صاحب النهاية بقوله في القديم . ( فبعته على أن لي فقار ظهره إلى المدينة ) ، بفتح الفاء أي : ركوب فقار ظهره وهى عظام الظهر ، ففي النهاية فقار الظهر حرزاته الواحدة فقارة . أي : بالفتح كما نص عليه صاحب القاموس ، واسم سيفه - صلى الله عليه وسلم - ذو الفقار ; لأنه كان فيه فقر صغار حسان على ما في النهاية . قال ابن الملك : فيه جواز استثناء بعض منفعة المبيع مدة ( فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة غدوت عليه بالبعير ) ، أي : أتيته به غدوة ( فأعطاني ثمنه ورده علي ) : قال ابن حجر : هذا بطريق المجاز لأن العطية إنما وقعت له بواسطة بلال ، كما رواه مسلم ، فلما قربت المدينة قال لبلال : ( أعطه أوقية من ذهب وزد ) اهـ . وفيه بحث إذ الظاهر أن أمره لبلال أسبق ، ثم إعطاؤه في غد تحقق مع أن حقيقة العطاء إنما تكون للأمر به ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية