الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2042 - وعن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم : هو صائم ، وقال بعضهم : ليس بصائم ، فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه ، متفق عليه .

التالي السابق


2042 - ( وعن أم الفضل ) وهي امرأة العباس ( بنت الحارث أن ناسا ) أي جماعة من الناس ( تماروا ) أن شكوا وتباحثوا واختلفوا ( عندها يوم عرفة ) أي بعرفات ( في صيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي ذلك اليوم ( فقال بعضهم : هو صائم ) بناء على عادته أو على حسن الظن به ( وقال بعضهم : ليس بصائم ) على طريق المنع بناء على الأصل أو استدلالا بالوقت الذي صيامه يقتضي الضعف المانع عن قوة الطاعة والعبادة ولما يوجب متابعته - صلى الله عليه وسلم - من الحرج العام غير مختص بذلك العام ( فأرسلت ) بصيغة المتكلم ( إليه بقدح لبن ) لعلمه بمحبته - صلى الله عليه وسلم - له حيث يقوم مقام الأكل والشرب ، ولذا كان إذا أكل طعاما قال : " اللهم بارك لي فيه وأطعمني خيرا منه " ، وإذا كان لبنا قال : " اللهم بارك لي فيه ، [ ص: 1413 ] وزدني منه " ، أو لمناسبة الزمان والمكان ( وهو واقف على بعيره بعرفة ) الظاهر أنه كان وقت الدعاء ( فشربه ) أي على رءوس الملأ الأعلى إعلاء لإظهار الحكم المشتمل على رحمته للعالمين ، قال ابن الملك : استحب الأكثر إفطار يوم عرفة ليتقوى على الدعاء ، وقال المظهر : صوم يوم عرفة سنة لغير الحاج ، أما الحاج فليس سنة له عند الشافعي ومالك وغيرهم ، كيلا يضعف عن الدعاء بعرفة ، وقال إسحاق ابن راهويه : سنة له أيضا ، وقال أحمد : سنة له إن لم يضعف ، وقال ابن الهمام : صوم يوم عرفة لغير الحاج مستحب ، وللحاج إن كان يضعفه عن الوقوف والدعوات فالمستحب تركه ، وقيل : يكره ، وهي كراهة تنزيه لأنه لإخلاله بالأهم في ذلك الوقت اللهم إلا أن يسيء خلقه فيوقعه في محظور ، وكذا صوم يوم التروية لأنه يعجزه عن أداء أفعال الحج ، وقال ابن حجر : صومه للحاج خلاف الأولى ، بل قال النووي في نكته : إنه مكروه أي للنهي عنه وما قيل إن في إسناده مجهولا يرده أن ابن خزيمة صححه ، وقال الحاكم : إنه على شرط البخاري وأقره الذهبي ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية