الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3319 - وعن جابر بن عتيك - رضي الله عنه - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من الغيرة ما يحب الله ، ومنها ما يبغض الله ; فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة ، وأما التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة ، وإن من الخيلاء ما يبغض الله ، ومنها ما يحب الله ; فأما الخيلاء التي يحب الله فاختيال الرجل عند القتال ، واختياله عند الصدقة ، وأما التي يبغض الله فاختياله في الفخر " . وفي رواية : " في البغي " . رواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


3319 - ( وعن جابر بن عتيك ) : بفتح العين المهملة وكسر الفوقية بعدها تحتية ساكنة . قال المؤلف : كنيته أبو عبد الله الأنصاري ، شهد بدرا وجميع المشاهد بعدها . ( أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : قال : " من الغيرة " : بفتح أوله ، أي على أهله ( ما يحب الله ) . أي : يرضاه ويستحسنه ( ومنها ما يبغض الله ) : أي : يكرهه ويستقبحه ( فأما التي يحبها الله ) : تفصيل على طريق اللف والنشر المرتب ( فالغيرة في الريبة ) : بالكسر أي في موضع التهمة ، والشك ما تتردد فيه النفس كمظهر فائدة الغيرة وهي الرهبة والانزجار ، وإن لم تكن في موقعها فتورث البغض والشنآن والفتن ، وهذا معنى قوله : ( وأما التي يبغضها الله في غير ريبة ) : وفي نسخة من غير ريبة ، بأن يقع في خاطره ظن سوء من غير أمارة كخروج من باب ، أو ظهور من شباك ، أو تكشف على أجنبي ، أو مكالمة معه من غير ضرورة ( كان من الخيلاء ) : بضم ففتح في النهاية : الخيلاء بالضم والكسر الكبر والعجب ( ما يبغض الله ، ومنها ما يحب الله ) : في تقديم المبغوض هاهنا بخلاف ما سبق إشارة إلى أن الأصل والغالب في الخيلاء أنه مبغوض وفي الغيرة عكسه ، ( فأما الخيلاء التي يحب الله ) : تفصيل على طريق اللف والنشر المشوش نحو قوله تعالى : ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم ) . ( فاختيال الرجل عند القتال ) : أي : المقاتلة مع أعداء الله بأن يتقدم فيها بنشاط وجراءة وإظهار شجاعة وقوة وتبختر في المعركة ، واستهانة بالعدو وجلادة ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) : ( واختياله عند الصدقة ) : بأن تهزه الأريحية والسخاء فيعطيها طيبة بها نفسه فلا يستكثر كثيرا ، ولا يعطي منها شيئا إلا وهو يعده قليلا . وقال بعضهم : بأن يقول مع نفسه إن أعط صدقة كثيرة إني غني ولي صلة وتوكل على الله ، فالتكبر عند المجاهدتين مجاهدة البدن ومجاهدة المال محمود . ( وأما التي يبغض الله ، فاختياله ) : أي : الرجل ( في الفخر ) : أي : الفخر في النسب بأن يقول : أنا أشرف وأكرم أبا ، وقد قال تعالى جل جلاله ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وقال تعالى سبحانه : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ) أي : بالإيمان والقرآن ، وفي نسخة : ( في الفقر ) : أي : تكبره في حال فقره ، فإنه أقبح منه في حال غناه ، وإنما يكون مذموما إذا كان تكبره على الفقراء ، أما إذا كان تكبره على الأغنياء ، فهو محمود إذ التكبر على المتكبر صدقة . ( وفي رواية : " في البغي ) . أي في الظلم ، وقيل : في الحسد ، والمراد بغير الحق الاستحقاق ، وأنواعه كثيرة . ( رواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي .




الخدمات العلمية