الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3700 - وعن كعب بن عجرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أعيذك بالله من إمارة السفهاء ، قال : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : أمراء سيكونون من بعدي ، من دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم ، فليسوا مني ، ولست منهم ، ولن يردوا علي الحوض ، ومن لم يدخل عليهم ويصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم ، فأولئك مني ، وأنا منهم ، وأولئك يردون علي الحوض . رواه الترمذي والنسائي .

التالي السابق


3700 - ( وعن كعب بن عجرة ) بضم فسكون قال المصنف : نزل الكوفة ومات بالمدينة سنة إحدى وخمسين ، وهو ابن خمس وسبعين سنة ، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين ، ( قال : قال لي ) ; أي وحدي ، أو مخاطبا لي ، ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعيذك بالله من إمارة السفهاء ) ; أي من عملهم ، أو من الدخول عليهم ، أو اللحوق بهم ، والسفهاء الجهال علما وعملا ، وقال الطيبي : السفهاء الخفاف الأحلام ، وفي النهاية السفه في الأصل ; الخفة والطيش ، وسفه فلان رأيه إذا كان مضطربا لا استقامة له ، والسفيه الجاهل ، ( قال ) ; فيه التفات ، أو تجريد ، إذ حقه أن يقول : قلت ( وما ذاك يا رسول الله ) ; أي ; أي شيء ما ذكرته من إمارة السفهاء ؟ وقال الطيبي : إشارة إلى معنى إمارة السفهاء ، وهو فعلهم المستفاد منه من الظلم والكذب ، وما يؤدي إليه جهلهم وطيشهم ( قال أمراء سيكونون من بعدي ) ; أي سفهاء ; موصوفون بالكذب والظلم ، ( من دخل عليهم ) ; أي من العلماء وغيرهم ، ( فصدقهم بكذبهم ) بفتح فكسر ، ويجوز بكسر فسكون ، والأول أصح وأفصح ; لعدم ورود غيره في القرآن ، وقيل الكذب : إذا أخذ في مقابلة الصدق كان بسكون الذال للازدواج ، وإذا أخذ وحده كان بالكسر ، ( وأعانهم على ظلمهم ) ; أي بالإفتاء ونحوه ، ( فليسوا مني ولست منهم ) ; أي بيني وبينهم براءة ونقض ذمة ، ( ولن يردوا ) وفي نسخة ، ولم يردوا من الورود ; أي لم يمروا ( علي ) بتشديد الياء بتضمين معنى العرض ; أي لن يردوا علي معروضين ، ( الحوض ) ; أي حوض الكوثر في القيامة ، أو في الجنة ، ( ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم ; فأولئك مني ، وأنا منهم ، وأولئك يردون علي الحوض ) ، قال الطيبي : أدخل الفاء في خبر ( من ) لتضمنه معنى الشرط ، زاد فيه ( أولئك ) وكرره لمزيد تقرير العلة ; لأن اسم الإشارة في مثل هذا المقام ، مؤذن بأن ما يرد عقيبه جدير بما قبله ; لاتصافه بالخصال المذكورة كقوله تعالى : أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون بعد قوله : الذين يؤمنون بالغيب إلى ما يتصل به ، استحمادا على فعلهم من الاجتناب عنهم ، وعن تصديقهم ومعاونتهم ، قال سفيان الثوري : لا نخالط السلطان ولا من يخالطه ، وقال : صاحب القلم ، وصاحب الدواة ، وصاحب القرطاس ، وصاحب الليطة بعضهم شركاء بعض ، وروي أن خياطا سأل عبد الله بن المبارك عن خياطته للحكام ; هل أنا داخل في قوله تعالى : ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ؟ قال : بل يدخل فيه من يبيعك الإبرة ، قال ابن مسعود : من رضي بأمر الظالم وإن غاب عنه ; كان كمن شهده وتلا الآية ( رواه الترمذي والنسائي ) .

[ ص: 2411 ]



الخدمات العلمية