الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وإذا أودع صبي عبدا فقتله فعلى عاقلته الدية وإن أودع طعاما [ ص: 460 ] فأكله لم يضمن ) وهذا عند أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما . وقال أبو يوسف والشافعي رضي الله عنهما : يضمن في الوجهين جميعا ، وعلى هذا إذا أودع العبد المحجور عليه مالا فاستهلكه لا يؤاخذ بالضمان في الحال عند أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما ، ويؤاخذ به بعد العتق . وعند أبي يوسف والشافعي رضي الله عنهما يؤاخذ به في الحال ، وعلى هذا الخلاف الإقراض والإعارة في العبد والصبي . وقال محمد رحمه الله في أصل الجامع الصغير : صبي قد عقل . وفي الجامع الكبير وضع المسألة في صبي ابن اثنتي عشرة سنة ، وهذا يدل على أن غير العاقل يضمن بالاتفاق ، لأن التسليط غير معتبر ، وفعله معتبر . لهما أنه أتلف مالا متقوما معصوما حقا لمالكه فيجب عليه الضمان كما إذا كانت الوديعة عبدا ، وكما إذا أتلفه غير الصبي في يد الصبي المودع .

                                                                                                        ولأبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما أنه أتلف مالا غير معصوم ، فلا يجب الضمان كما إذا أتلفه بإذنه ورضاه وهذا لأن العصمة تثبت حقا له ، وقد فوتها على نفسه حيث وضع المال في يد مانعه فلا يبقى مستحقا للنظر إلا إذا أقام غيره مقام نفسه في الحفظ ولا إقامة هاهنا لأنه لا ولاية له على الاستقلال على الصبي ، ولا للصبي على نفسه ، بخلاف البالغ والمأذون له ، لأن لهما ولاية على أنفسهما ، وبخلاف ما إذا كانت الوديعة عبدا لأن عصمته لحقه إذ هو مبقى على أصل الحرية في حق الدم ، وبخلاف ما إذا أتلفه غير الصبي في يد الصبي ، لأنه سقطت العصمة بالإضافة إلى الصبي الذي وضع في يده المال دون غيره .

                                                                                                        قال : ( وإن استهلك مالا ضمن ) يريد به من غير إيداع لأن الصبي يؤاخذ بأفعاله وصحة القصد لا معتبر بها في حقوق العباد ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية