الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ومن أغمي عليه خمس صلوات أو دونها قضى ، وإن كان أكثر من ذلك لم يقض ) وهذا استحسان ، والقياس أن لا قضاء عليه إذا استوعب الإغماء وقت صلاة كاملا لتحقق العجز ، فأشبه الجنون ، وجه الاستحسان أن المدة إذا طالت كثرت الفوائت ، فيتحرج في الأداء ، وإذا قصرت قلت فلا حرج ، والكثير أن تزيد على يوم وليلة ; لأنه يدخل في حد التكرار ، والجنون كالإغماء ، كذا ذكره أبو سليمان رحمه الله ، بخلاف النوم ; لأن امتداده نادر ، فيلحق بالقاصر . ثم الزيادة تعتبر من حيث الأوقات عند محمد رحمه الله ; لأن التكرار [ ص: 210 ] يتحقق به ، وعندهما من حيث الساعات ، هو المأثور عن علي وابن عمر رضي الله عنهم ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قوله : ثم الزيادة تعتبر من حيث الأوقات ، عند محمد ، وعندهما من حيث الساعات ، هو المأثور عن علي وابن عمر رضي الله عنهما ، قلت : " يعني بالزيادة على خمس صلوات في الإغماء ، أخرج الدارقطني عن يزيد مولى عمار بن ياسر أن عمار بن ياسر أغمي عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وأفاق نصف الليل فقضاهن . انتهى .

                                                                                                        ومن طريق الدارقطني ، رواه البيهقي في " المعرفة " ، وقال : قال [ ص: 210 ] الشافعي : هذا ليس بثابت عن عمار ، ولو ثبت ، فمحمول على الاستحباب ، قال البيهقي : وعليه أن راويه يزيد مولى عمار مجهول ، والراوي عنه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ، كان يحيى بن معين يضعفه . وكان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي لا يريان به بأسا ، ولم يحتج به البخاري انتهى .

                                                                                                        والرواية عن علي غريبة ، وروى عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا الثوري عن ابن أبي ليلى عن نافع ، أن ابن عمر أغمي عليه شهرا ، فلم يقض ما فاته انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى به ، وروى إبراهيم الحربي في " أواخر كتابه غريب الحديث " ثنا أحمد بن يونس ثنا زائدة عن عبيد الله عن نافع قال : أغمي على عبد الله بن عمر يوما وليلة ، فأفاق ، فلم يقض ما فاته ، واستقبل انتهى .

                                                                                                        وروى محمد بن الحسن في كتابه " الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن سليمان عن إبراهيم النخعي عن ابن عمر ، أنه قال في الذي يغمى عليه يوما وليلة ، قال : يقضي ، انتهى . حديث احتج به الشافعي ومالك على سقوط الصلاة بالإغماء ، قلت ، أو كثرت ، أخرجه الدارقطني عن الحكم بن عبد الله بن سعيد الأيلي أن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه حدثه أن { عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يغمى عليه ، فيترك الصلاة ، فقال : ليس لشيء من ذلك قضاء ، إلا أن يغمى عليه في وقت صلاة ، فيفيق فيه ، فإنه يصليه }. وهو ضعيف جدا ، قال أحمد ، في الحكم بن سعيد الأيلي : أحاديثه موضوعة ، وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات .

                                                                                                        وقال ابن معين : ليس بثقة ، ولا مأمون ، وكذبه الجوزجاني وأبو حاتم ، وتركه النسائي وابن الجنيد والدارقطني .

                                                                                                        وقال البخاري : تركوه ، وبقية السند كله إلى الحكم مظلم ، وقالت الحنابلة : يقضي ما فاته من صلاة ، قلت ، أو كثرت ، ولا تسقط ، وتوسط أصحابنا ، فقالوا : يسقط ما زاد على يوم وليلة ، سوى ما دون ذلك ، والله أعلم




                                                                                                        الخدمات العلمية