الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا انهدمت وربها غائب أشهد المكتري على ذلك ، ولا شيء عليه ، قال ابن يونس : إن أكراها سنة فانهدمت بعد شهرين فبناها بما عليه من الكراء ، ثم قدم ربها بعد السنة فله حصة ما سكن المكتري قبل الهدم ، وكراء العرصة بعد الهدم ، وللمكتري نقض بنائه إلا أن يعطيه قيمته منقوضا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في المقدمات : إذا استأجره على حمل معين فتلف : فثلاثة أقوال : المشهور : عدم النقض والنقض ، كلاهما لابن القاسم ، ولا ينقض إن تلف بأمر سماوي وإلا فلا ; لمالك ، نظرا للتعيين ، أو يكون التعيين كالصفة أو لا ; لأن الأمر السماوي قد دخل عليه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا خاف سقوط الدار : فله الفسخ دون تنقيص الكراء ; لأنه عيب .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : إذا غصب الدار السلطان : قال ابن القاسم : مصيبتها [ ص: 538 ] من ربها ، ولا كراء له ، سواء غصب الدار أو المنفعة ، وكذلك غلق الحانوت بأمر السلطان ; لأن المنافع إنما تستوفي على ملك المكري ، فهو مانع من التسليم كالهدم ، وقال سحنون : الجائحة من المكتري ، وقال ابن الحارث : إن غصب الدار فالجائحة من المكري فهو نافع أو السكنى فمن المكتري لبقاء ما استوفى منه المنفعة ، وفي الجواهر : إذا أقر المكتري للغاصب الرقبة قبل إقراره في الرقبة ، ولا يفوت حق المنفعة تبعا على المستأجر ، بل له مخاصمة الغاصب لأجل حصته في المنفعة ، ولا فرق بين غصب السلطان وغيره ( في الفسخ ) .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال : إذا ذهب أهل المحلة فهو كالانهدام للرحا أقام أو رحل ; لأنه لا يأتيه من يطحن ، وكذلك فنادق الموسم إذا امتنع الناس ، ومهما تعذرت المنفعة فكذلك ، وقاله الأئمة ، بخلاف الدار إذا ذهب الناس وبقي المكتري ساكنا لحصول المنفعة ، وكذلك إن رحل للوحشة بعدهم لتمكنه من المنفعة فتركها اختيارا ، ولو رحل للخوف سقط الكراء لعدم تمكنه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا لم ينزل المطر ، أو غرقت الأرض ، أو هارت البئر قبل تمام الزرع فهلك الزرع ، رجع بالكراء لعدم تسليم المنفعة ، فإن لقي الماء للبعض وهلك البعض ، حصل ما له به نفع ، وعليه من الكراء بقدره ، وإلا فلا ، وأما هلاكه ببرد أو جليد أو جائحة : فعليه الكراء لأنها ليست من جهة الأرض ولا منافعها ، وقاله الأئمة ، وإذا غرق الزرع بعد الإبان فكالجليد ، أو انكشف في [ ص: 539 ] الإبان . وأمكن زرعها ثانية لزمه الكراء وإلا فلا ، قال ابن يونس : ما له به نفع ، مثل خمسة من مائة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا عطشت أرض الصلح التي صولحوا عليها : فعليهم الخراج ; لأنه ليس إجارة محققة ، بخلاف أرض الخراج كأرض مصر ، قال غيره : هذا إن كان الصلح وظيفة عليهم ، أما خراج على الأرض معروف فلا ، قال ابن يونس : إذا صالحهم على أن أرضهم بخراج ، فلا يخالف ابن القاسم الغير . أو على أن عليهم خراجا لملكهم الأرض كما يوظف بقدر أعمالهم وأملاكهم فما قال ابن القاسم .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا لم يجد البذر أو حبسه السلطان : لزمه الكراء لتسليم الأرض ، والمنع ليس من قبل ربها ولا منها ، كمن اشترى سلعة ومنع من الانتفاع بها بعد قبضها ، يجب عليه الثمن .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : إذا مات البطن الأول من أرباب الوقف بعد الإجارة وقبل انقضاء مدتها : انفسخ باقيها ، وقاله ( ش ) ; لأنا بينا أنه أجر غير ملكه ، وقيل : إن كانت مدة يجوز الكراء لها لزم باقيها ; لأن الأجر أجر ملكه ، ولم يفرط .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : لو بلغ الصبي ورشد قبل انقضاء المدة ، لا يلزمه باقيها إلا أن تكون [ ص: 540 ] إجارة الولي في مدة لا يظن في مثلها البلوغ ، ويكون الباقي كالشهر ونحوه ، ويلزمه في الحيوان والعقار والرقيق السنين الكثيرة إذا احتلم بعد سنة ، وظن عدم احتلامه قبل المدة ، وقيل : لا يلزمه إلا فيما قل ، ولا يلزمه ما يعلم أنه يبلغ قبله في نفسه ولا ماله ; لأن الأصل : عدم نفوذ تصرف غير الإنسان عليه إلا للضرورة ، ويلزم السفيه البالغ إذا رشد بقية المدة في الربع والحيوان والرقيق أجر السلطان أو الولي السنتين أو الثلاث ; لأن رشده غير منضبط ، بخلاف البلوغ ، الولي معذور فيه ، وقيل : إنما يكري عليه السنة ونحوها لتوقع تغير حاله ، فأما ما كثر فله فسخه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : لا تنفسخ إجارة العبد بعتقه ; لأن السيد تصرف وهو مالك ، فلا يتناوله العتق .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا آجر أمته فله وطؤها ، فإن حملت وجبت المحاسبة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : بيع الدار المستأجرة لا يوجب الفسخ ، ويستوفي المبتاع المنافع بحكم الإجارة ، ومن غيره يصح أيضا ولتستمر الإجارة إلى آخر المدة ، وقاله أحمد ، وعند ( ش ) قولان ، وقال ( ح ) : يوقف البيع على إجازة المستأجر ، وروى تخصيص الصحة بالمدة اليسيرة ، والكراهة في الطويلة .

                                                                                                                تمهيد : القدرة على التسليم شرط في البيع ، والرقبة المبيعة مسلمة للمستأجر [ ص: 541 ] ليستوفي منها المنافع ، فيتعذر تسليمها للمشتري فبطل البيع ، أو تفسخ الإجارة حتى يتمكن من التسليم ، وعقد البيع أقوى من عقد الإجارة لتناوله الأصل : والمنافع فروع . فيبطل عقدها لتصحيح عقد الأصل ، أو تكون الدار في يد المستأجر كما تكون في يد البائع إذا استثنى منافعها مدة ، فلا يتنافى ذلك ، أو يقال : عقد البيع نقل الملك ناقصا لصفته ، فكأن المشتري آجر بعد البيع ، أو يقال : عقد الإجارة سابق ، فيخير المستأجر . فهذه المدارك هي منشأ الخلاف .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية