الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( 18 ) باب الحذر والتأني في الأمور

الفصل الأول

5052 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين " . متفق عليه .

التالي السابق


( 18 ) باب الحذر والتأني في الأمور

الحذر : الاحتراس من الضرر ، والتأني ضد العجلة ، من تأنى في الأمر إذا توقف فيه .

الفصل الأول

5052 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : لا يلدغ المؤمن ) : برفع الغين على النفي ، ويروى بكسر الغين على النهي ، والمراد بالمؤمن الكامل في عقله ( من جحر ) : بضم جيم وسكون حاء أي ثقب وخرق ( واحد مرتين ) أي : كرتين أو مرة بعد أخرى . قال الخطابي : هذا يروى على وجهين أحدها : على الخبر ، وهو أن المؤمن الممدوح هو المتيقظ الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة ، فيخدع مرة بعد أخرى ولا يفطن هو به ، وقد قيل : إنه الخداع في أمر الآخرة دون أمر الدنيا . وثانيهما : على النهي أي : لا يخدعن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة ، فيقع في مكروه ، وهذا يصلح أن يكون أمر الدنيا والآخرة . فقال التوربشتي : وأرى أن الحديث لم يبلغ الخطابي على ما كان عليه ، وهو مشهور عند أهل السير ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على بعض أهل مكة ، وهو أبو غرة الشاعر الجمحي ، وشرط عليه أن لا يحرص عليه ، فلما بلغ ما منه عاد إلى ما كان عليه فأسر تارة أخرى ، فأمر بضرب عنقه فكلمه بعض الناس في المن عليه فقال : " لا يلدغ المؤمن " الحديث . وروى النووي عن القاضي عياض هذه القصة وقال : سبب هذا الحديث معروف ، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسر أبا غرة الشاعر يوم بدر ، فمن عليه وعاهده أن لا يحرض عليه ولا يهجوه ، فأطلقه فلحق بقومه ، ثم رجع إلى التحريض والهجاء ، ثم أسر يوم أحد فسأله المن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يلدغ المؤمن " الحديث . وهذا السبب يضعف الوجه الثاني ذكره الطيبي ، ولم يظهر لي وجه ضعفه على أنه قد يقال العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وإلا لكان المؤمن مختصا به عليه السلام ، لكونه أخبر عن نفسه ، وقد أطنب الطيبي في نصرة الخطابي إلى أن قال : فظهر أن القول بالنهي أولى والمقام له أدعى اهـ . وبعده لا يخفى ( متفق عليه ) . ورواه أحمد وأبو داود ، والترمذي عنه وأحمد أيضا وابن ماجه عن ابن عمر .




الخدمات العلمية