الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المرسل


120 . مرفوع تابع على المشهور مرسل أو قيده بالكبير      121 . أو سقط راو منه ذو أقوال
والأول الأكثر في استعمال

[ ص: 203 ]

التالي السابق


[ ص: 203 ] اختلف في حد الحديث المرسل . فالمشهور: أنه ما رفعه التابعي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، سواء كان من كبار التابعين ، كعبيد الله بن عدي بن الخيار وقيس بن أبي حازم ، وسعيد بن المسيب ، وأمثالهم. أو من صغار التابعين ، كالزهري وأبي حازم ، ويحيى ابن سعيد الأنصاري ، وأشباههم .

والقول الثاني: أنه ما رفعه التابعي الكبير إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا معنى قوله أو قيده بالكبير ، أي بالكبير من التابعين ، فهذه الصورة لا خلاف فيها ، كما قال ابن الصلاح . أما مراسيل صغار التابعين ، فإنها لا تسمى مرسلة على هذا القول ، بل هي [ ص: 204 ] منقطعة هكذا حكاه ابن عبد البر عن قوم من أهل الحديث; لأن أكثر رواياتهم عن التابعين ولم يلقوا من الصحابة إلا الواحد والاثنين. قلت: هكذا مثل ابن الصلاح صغار التابعين بالزهري ومن ذكر ، وذكر في التعليل أنهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد والاثنين ، وليس ذلك بصحيح بالنسبة إلى الزهري ، فقد لقي من الصحابة اثني عشر فأكثر ، وهم عبد الله بن عمر ، وأنس بن مالك ، وسهل بن سعد ، وربيعة بن عباد ، وعبد الله بن جعفر ، والسائب بن يزيد ، وسنين أبو جميلة ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة ، وأبو الطفيل ، ومحمود بن الربيع ، والمسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن أزهر ولم يسمع من عبد الله بن جعفر ، بل رآه رؤية وقيل إنه سمع من جابر، وقد سمع من محمود بن لبيد ، وعبد الله بن الحارث بن نوفل ، وثعلبة بن مالك القرظي . وهم مختلف في صحبتهم وأنكر أحمد ويحيى سماعه من ابن عمر ، وأثبته علي بن المديني .

[ ص: 205 ] القول الثالث: إنه ما سقط راو من إسناده ، فأكثر ، من أي موضع كان ، فعلى هذا المرسل والمنقطع واحد. قال ابن الصلاح : والمعروف في الفقه وأصوله أن ذلك يسمى مرسلا وبه قطع الخطيب ، قال الخطيب إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقطع الحاكم وغيره من أهل الحديث أن الإرسال مخصوص بالتابعين وسيجيء في فصل التدليس أن ابن القطان قال: إن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه.

فعلى هذا من روى عمن سمع منه ما لم يسمعه منه ، بل بينه وبينه فيه واسطة ، ليس بإرسال ، بل هو تدليس ، وعلى هذا فيكون هذا قولا رابعا في حد المرسل.




الخدمات العلمية