الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فلنسألن الذين أرسل إليهم بيان كما قاله الطبرسي لعذابهم الأخروي إثر بيان عذابهم الدنيوي خلا أنه تعرض كما قيل لبيان مبادئ أحوال المكلفين جميعا لكونه أدخل في التهويل والفاء عند البعض لترتيب الأحوال الأخروية على الدنيوية ذكرا حسب ترتبها عليها وجودا وذكر العلامة الطيبي أن الفاء فصيحة على معنى فما كان دعواهم في الدنيا إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا فقطعنا دابرهم ثم لنحشرنهم فلنسألنهم ووضع على هذا الظاهر موضع الضمير لمزيد التقرير .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال في الكشف : لعل الأوجه أن يجعل هذا متعلقا بقوله تعالى : ( اتبعوا . ولا تتبعوا ) ويجعل قوله سبحانه : وكم من قرية .. إلخ . معترضا حثا على الاعتبار بحال السابقين ليتشمروا في الاتباع . اهـ . والأمر عند من جعل الكلام السابق على التقديم والتأخير وادعى أن مجيء البأس في الآخرة سهل كما لا يخفى أي لنسألن الأمم قاطبة أو هؤلاء قائلين ماذا أجبتم المرسلين ولنسألن المرسلين (6) ماذا أجيبوا والمراد من هذا السؤال توبيخ الكفرة وتقريعهم والمنفي في قوله تعالى : ( يوم لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) سؤال الاستعلام فلا منافاة بين الآيتين وجمع آخرون بينهما بأن للمثبت موقفا وللمنفي آخر وقال الإمام : إنهم لا يسألون عن الأعمال أي ما فعلتم ولكن يسألون عن الدواعي التي دعتهم إلى الأعمال والصوارف التي صرفتهم عنها أي لم كان كذا وقيل : معنى لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان لا يعاقب بذنبه غيره وقيل : المراد من الذين أرسل إليهم الأنبياء ومن المرسلين الملائكة الذين بلغوهم رسالات ربهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وروي ذلك عن فرقد وهو كما ترى وقيل : لا حاجة إلى التوفيق فإن المنفي هو السؤال عن الذنب لا مطلق السؤال ورد بأن عدم قبول دعوة الرسل عليهم السلام بما ذكرنا هو الذي يشهد به الأخبار وتدل عليه الآثار وفي القرآن ما يؤيد ذلك فقد قال سبحانه : يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم وتخصيص سؤال الذين أرسل إليهم بما تقدم هو الذي جرى عليه جماعة من المفسرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري أنه يقال للذين أرسل إليهم : هل بلغكم الرسل ويقال : للمرسلين ما ردوا عليكم وأخرج أيضا عن القاسم أبي عبد الرحمن أنه تلا هذه الآية فقال : يسأل العبد يوم القيامة عن أربع خصال يقول ربك ألم أجعل لك جسدا ففيم أبليته ألم أجعل لك علما ففيم عملت بما علمت ألم أجعل لك مالا ففيم أنفقته في طاعتي أم في معصيتي ألم أجعل لك عمرا ففيم أفنيته وأخرج هو وغيره عن طاوس أنه قرأ ذلك فقال الإمام : يسأل عن الناس والرجل يسأل عن أهله والمرأة تسأل عن بيت زوجها [ ص: 82 ] والعبد يسأل عن مال سيده ولعل الظاهر أن سؤال كل من المرسل إليهم والمرسلين هنا عن أمر يتعلق بصاحبه ولا يأبى هذا أن المكلفين يسألون عن أمور أخر والمواقف يوم القيامة شتى ويسأل السيد ذو الجلال عباده فيها عن مقاصد عديدة فطوبى لمن أخذ بعضده السعد فأجاب بما ينجيه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية