الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ( 111 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : وإن يقاتلكم أهل الكتاب من اليهود والنصارى يهزموا عنكم ، فيولوكم أدبارهم انهزاما .

فقوله : " يولوكم الأدبار " ، كناية عن انهزامهم ، لأن المنهزم يحول ظهره إلى جهة الطالب هربا إلى ملجأ وموئل يئل إليه منه ، خوفا على نفسه ، والطالب في أثره . فدبر المطلوب حينئذ يكون محاذي وجه الطالب الهازمه .

" ثم لا ينصرون " ، يعني : ثم لا ينصرهم الله ، أيها المؤمنون ، عليكم ، لكفرهم بالله ورسوله ، وإيمانكم بما آتاكم نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم . لأن الله عز وجل قد ألقى الرعب في قلوبهم ، فأيدكم أيها المؤمنون بنصركم . . [ ص: 110 ]

وهذا وعد من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان ، نصرهم على الكفرة به من أهل الكتاب .

وإنما رفع قوله : " ثم لا ينصرون " وقد جزم قوله : " يولوكم الأدبار " ، على جواب الجزاء ، ائتنافا للكلام ، لأن رءوس الآيات قبلها بالنون ، فألحق هذه بها ، كما قال : ( ولا يؤذن لهم فيعتذرون ) [ سورة المرسلات : 36 ] ، رفعا ، وقد قال في موضع آخر : ( لا يقضى عليهم فيموتوا ) [ سورة فاطر : 36 ] إذ لم يكن رأس آية .

التالي السابق


الخدمات العلمية