الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            وقوله : والصلاة عليه قال سند : ويختلف في حكم هذه الصلاة هل هي فرض أم لا ؟ .

                                                                                                                            فذهب جمهور الناس إلى أنها من فروض الكفاية ، ونص عليه سحنون في كتاب ابنه فقال : الصلاة على الجنازة فرض يحمله بعضهم عن بعض وقال ابن القاسم في المجموعة فيمن صحب الجنازة له أن ينصرف عن الصلاة من غير حاجة وليست بفريضة ، واحتج عبد الوهاب في المعونة للفريضة بقوله عليه السلام { صلوا على من قال لا إله إلا الله } ، وبقوله { حق المسلم على المسلم ثلاث فذكر وأن يصلي عليه إذا مات } .

                                                                                                                            ووجه القول بأنها ليست بفرض وهو مشهور المذهب أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بين فرائض الخمس الصلوات قال له السائل : هل علي غيرهن ؟ قال : لا إلا أن تطوع ; ولأن الإقامة من شعائر الدين وفرائض الصلاة ; فلو كانت هذه الصلاة فرضا لشرعت لها الإقامة والأذان كسائر الفرائض فلما لم تشرع لها الإقامة دل ذلك على انتفاء الفريضة فيها كسائر النوافل وذكر أشياء أخر احتج بها على عدم الفريضة فإذا ثبت ما ذكرناه أنها ليست بفرض فهل هي سنة ، أو تنحط عن رتبة السنن إلى الرغائب والمندوبات ؟ .

                                                                                                                            حكى عبد الوهاب في معونته عن أصبغ وغيره أنها سنة ، وظاهر كلام مالك بن أنس أنها ليست سنة وهي من الرغائب ; قال ابن حبيب وقال مالك : كان سليمان بن يسار ومجاهد يقولان شهود الجنازة أفضل من شهود النوافل [ ص: 209 ] والجلوس في المسجد ، وقال ابن المسيب وزيد بن أسلم : النوافل والجلوس في المسجد أفضل حتى أن سعيدا لم يخرج من المسجد إلى جنازة علي بن الحسين ورأى أن ما فعل أفضل ، قال : وكان مالك يرى ذلك إلا في جنازة الرجل الذي ترجى بركته فإن شهوده أفضل ، وذكر ابن القاسم في العتبية عن مالك - رحمه الله - مثله إلا أن يكون له حق من جوار ، أو قرابة ، أو أحد ترجى بركة شهوده ، وظاهر هذا يقتضى أنها ليست في رتبة صلاة العيدين وغيرها من السنن المؤكدة ، ووجهه أن سادات الأمة وأهل الفضل لم تزل في سائر الأمصار على توالي الأعصار تلازم مساجدهم وزواياهم مع قطعهم بوجود الجنائز في مصرهم فلو كان حضورها من السنن المؤكدة لكانت الأئمة يؤثرونها على سائر النوافل ولو فعلوه لما اتصل العمل في سائر الآفاق على خلافه انتهى .

                                                                                                                            ففهم من كلامه أن فيها ثلاثة أقوال : الأول أنها فرض كفاية ، ( الثاني ) : أنها سنة ، ( الثالث ) : أنها مستحبة .

                                                                                                                            وظاهر كلامه ترجيح القول بالسنة وأن سنيتها دون سنية صلاة العيد وغيرها من السنن المؤكدات ، وقد تقدم في فصل الأوقات ما يرجح القول بالسنية والله أعلم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية