الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 2181 ] كتاب العدة وطلاق السنة

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ب) نسخة برلين رقم (3144)

                                                                                                                                                                                        2 - (ح) نسخة الحسنية رقم (12929)

                                                                                                                                                                                        3 - (ش 1) نسخة الشيخ أباه - النباغية (شنقيط) [ ص: 2182 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 2183 ]

                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم

                                                                                                                                                                                        كتاب العدة وطلاق السنة

                                                                                                                                                                                        باب في طلاق السنة

                                                                                                                                                                                        قال مالك: طلاق السنة أن يطلق الرجل امرأته طلقة واحدة طاهرا من غير جماع، ثم يدعها حتى تنقضي العدة ولا يتبعها في ذلك طلاقا.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: الطلاق يتضمن عددا وحالة تكون الزوجة عليها حين الطلاق.

                                                                                                                                                                                        والعدد على ثلاثة أوجه: جائز، وهو واحدة رجعية، ومكروه، وهو اثنتان، وممنوع، وهو الثلاث، لقول الله -عز وجل- لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا [الطلاق: 1] من الرغبة في المراجعة والندم على الفراق، وقد علم الله -عز وجل- ذلك من عباده، فأمرهم أن يوقعوا طلاقا رجعيا تمكن الرجعة معه.

                                                                                                                                                                                        ويكره الاثنتان: لأن الزائد على الواحدة غير مفيد فيما يريد من [ ص: 2184 ] الفراق، وهو يصل بالواحدة إلى ما يصل إليه بالاثنتين، فكان إيقاع طلقة واحدة أولى، فإذا ارتجع ثم طلق، فأدركه ندم، كان له إلى المراجعة سبيل.

                                                                                                                                                                                        وأجاز مالك الخلع، وهو طلقة بائنة. وذكر أبو الحسن بن القصار في تضاعيف كلام له أن ذلك يكره.

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن إذا كان كل واحد من الزوجين مؤديا لحق صاحبه، وإن كان على غير ذلك من الشنآن وفساد الدين لم يكره، ولا يعترض إذا كان على غير ذلك بحديث ثابت بن قيس بن شماس؛ لأنها ذكرت أنها لا تستطيع المقام معه، وقالت: أخاف الكفر بعد الإيمان.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الثلاث في كل طهر طلقة، فكرهه مالك، وأجازه أشهب. قال محمد: وكان أشهب لا يرى بأسا أن يطلق في كل طهر طلقة ما لم يرتجع، فإن ارتجع وهو يريد أن يطلق فالبأس عليه في ارتجاعه على ذلك؛ لأنه يطول عليها العدة، وفي هذا أنزل القرآن فيما بلغني قوله تعالى: ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا [البقرة: 231] ، فإن ارتجعها وهو يريد إمساكها، ثم بدا له أن يطلقها [ ص: 2185 ] مكانه، فلا بأس بارتجاعه وطلاقه.

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا فيمن أراد أن يطلق زوجته اثنتين أو ثلاثا فقيل له: إن ذلك لا يجوز، فطلقها واحدة، ثم ارتجعها، ثم طلقها أخرى، ثم ارتجع، ثم طلق الثالثة، فلا بأس بالطلاق على هذه الصفات، وإن كن في يوم.

                                                                                                                                                                                        وقول مالك أبين للآية، ولأن ما يحدث من الندم والرغبة في المراجعة إنما يكون في الغالب بعد الطول، وبعد سكون ما أوجب الفراق.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية