الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( فمن ذلك : مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ متفق عليه ) .

      [ ص: 198 ]

      التالي السابق


      [ ص: 198 ] ش قوله : ( فمن ذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم . . ) إلخ ؛ الكلام على هذا الحديث من جهتين :

      الأولى : صحته من جهة النقل ؛ وقد ذكر المؤلف رحمه الله أنه متفق عليه .

      ويقول الذهبي في كتابه ( العلو للعلي الغفار ) : ( إن أحاديث النزول متواترة ، تفيد القطع ) .

      وعلى هذا ؛ فلا مجال لإنكار أو جحود .

      الثانية : ما يفيده هذا الحديث ؛ وهو إخباره صلى الله عليه وسلم بنزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة . . إلخ .

      ومعنى هذا أن النزول صفة لله عز وجل على ما يليق بجلاله وعظمته ، فهو لا يماثل نزول الخلق ؛ كما أن استواءه لا يماثل استواء الخلق .

      يقول شيخ الإسلام رحمه الله في تفسيره سورة الإخلاص : ( فالرب سبحانه إذا وصفه رسوله بأنه ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة ، وأنه يدنو عشية عرفة إلى الحجاج ، وأنه كلم موسى بالوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة ، وأنه استوى إلى السماء وهي دخان ، فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها ؛ لم يلزم من ذلك أن تكون هذه الأفعال [ ص: 199 ] من جنس ما نشاهده من نزول هذه الأعيان المشهودة حتى يقال : ذلك يستلزم تفريغ مكان وشغل آخر ) .

      فأهل السنة والجماعة يؤمنون بالنزول صفة حقيقية لله عز وجل ، على الكيفية التي يشاء ، فيثبتون النزول كما يثبتون جميع الصفات التي ثبتت في الكتاب والسنة ، ويقفون عند ذلك ، فلا يكيفون ولا يمثلون ولا ينفون ولا يعطلون ، ويقولون : إن الرسول أخبرنا أنه ينزل ، ولكنه لم يخبرنا كيف ينزل ، وقد علمنا أنه فعال لما يريد ، وأنه على كل شيء قدير .

      ولهذا ترى خواص المؤمنين يتعرضون في هذا الوقت الجليل لألطاف ربهم ومواهبه ، فيقومون لعبوديته ؛ خاضعين خاشعين ، داعين متضرعين ، يرجون منه حصول مطالبهم التي وعدهم بها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .




      الخدمات العلمية