الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3331 ] [ 5 ] باب الرياء والسمعة

الفصل الأول

5314 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " . رواه مسلم .

التالي السابق


[ 5 ] باب الرياء والسمعة

في المغرب ، يقال : فعل ذلك سمعة ، أي : ليريه الناس من غير أن يكون قصد به التحقيق ، وسمع بكذا شهرة تسميعا انتهى . والتحقيق : أن الرياء مأخوذ من الرؤية ، فهو ما يفعل ليراه الناس ، ولا يكتفي فيه برؤية الله سبحانه ، والسمعة بالضم مأخوذة من السمع ، فهو ما يفعل أو يقال ليسمعه الناس ، ولا يكتفي فيه بسمعه تعالى ، ثم يستعمل كل منهما موضع الآخر ، وقد جمع بينهما تأكيدا ، أو لإرادة أصل المعنيين تفصيلا ، وضدها الإخلاص في العمل لله على قصد الخلاص ، ثم الرواية الصحيحة في الرياء الهمز وعليه السبعة ، ويجوز إبداله ياء ، وبه قرأ بعض القراء ، وهو المشهور على ألسنة العامة .

الفصل الأول

5314 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لا ينظر " ) أي : نظر اعتبار ( " إلى صوركم " ) : إذ لا اعتبار بحسنها وقبحها ( " وأموالكم " ) : إذ لا اعتبار بكثرتها وقلتها ( " ولكن " ) : وزاد في الجامع ، ولكن إنما ( " ينظر إلى قلوبكم " ) أي : إلى ما فيها من اليقين ، والصدق ، والإخلاص ، وقصد الرياء ، والسمعة ، وسائر الأخلاق الرضية ، والأحوال الردية ( " وأعمالكم " ) أي : من صلاحها وفسادها ، فيجازيكم على وفقها ، هذا وفي النهاية : معنى النظر ها هنا : الاجتباء ، والرحمة ، والعطف ; لأن النظر في الشاهد دليل المحبة ، وترك النظر دليل البغض ، والكراهة ، وميل النفس إلى الصور المعجمة والأمور الفانية ، والله يتقدس عن شبه المخلوقين ، فجعل نظره إلى ما هو البر واللب وهو القلب والعمل ، والنظر يقع على الأجسام والمعاني ، فما كان بالأبصار فهو للأجسام ، وما كان بالبصائر كان للمعاني ، ذكره الطيبي - رحمه الله - . ولا يخفى بعد المراد من النظر هنا ما ذكره من الرحمة والعطف ، لا سيما في جانب النفي ، فتدبر خصوصا فيما ذكره من تنصيل النظر ، فإن نفيه في حقه تعالى لا يتصور ، والله تعالى أعلم . ( رواه مسلم ) . وكذا ابن ماجه .




الخدمات العلمية