الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ( 127 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : ولقد نصركم الله ببدر "ليقطع طرفا من الذين كفروا " ، ويعني ب "الطرف " ، الطائفة والنفر .

يقول تعالى ذكره : ولقد نصركم الله ببدر ، كما يهلك طائفة من الذين كفروا بالله ورسوله ، فجحدوا وحدانية ربهم ، ونبوة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ، كما : -

7796 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " ليقطع طرفا من الذين كفروا " ، فقطع الله يوم بدر طرفا من الكفار ، وقتل صناديدهم ورؤساءهم ، وقادتهم في الشر .

7797 - حدثت عن عمار ، عن ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، نحوه .

7798 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، عن عباد ، عن الحسن في قوله : " ليقطع طرفا من الذين كفروا " الآية كلها ، قال : هذا يوم بدر ، قطع الله طائفة منهم وبقيت طائفة .

7799 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " ليقطع طرفا من الذين كفروا " ، أي : ليقطع طرفا من المشركين بقتل ينتقم به منهم . [ ص: 193 ]

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وما النصر إلا من عند الله ليقطع طرفا من الذين كفروا . وقال : إنما عنى بذلك من قتل بأحد .

ذكر من قال ذلك :

7800 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : ذكر الله قتلى المشركين - يعني بأحد - وكانوا ثمانية عشر رجلا فقال : " ليقطع طرفا من الذين كفروا " ، ثم ذكر الشهداء فقال : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ) الآية . [ سورة آل عمران : 169 ]

وأما قوله : "أو يكبتهم " ، فإنه يعني بذلك : أو يخزيهم بالخيبة مما رجوا من الظفر بكم .

وقد قيل : إن معنى قوله : "أو يكبتهم " ، أو يصرعهم لوجوههم . ذكر بعضهم أنه سمع العرب تقول : "كبته الله لوجهه " ، بمعنى صرعه الله .

قال أبو جعفر : فتأويل الكلام : ولقد نصركم الله ببدر ليهلك فريقا من الكفار بالسيف ، أو يخزيهم بخيبتهم مما طمعوا فيه من الظفر "فينقلبوا خائبين " ، يقول : فيرجعوا عنكم خائبين ، لم يصيبوا منكم شيئا مما رجوا أن ينالوه منكم ، كما : -

7801 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : "أو يكبتهم فينقلبوا خائبين " ، أو يردهم خائبين ، أي : يرجع من بقي منهم فلا خائبين ، لم ينالوا شيئا مما كانوا يأملون . [ ص: 194 ]

7802 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "أو يكبتهم " ، يقول : يخزيهم ، "فينقلبوا خائبين " .

7803 - حدثت عن عمار ، عن ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية