الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله جل ثناؤه ( ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين ( 145 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : من يرد منكم ، أيها المؤمنون ، بعمله جزاء منه بعض أعراض الدنيا ، دون ما عند الله من الكرامة لمن ابتغى بعمله ما عنده "نؤته منها " ، يقول : نعطه منها ، يعني من الدنيا ، يعني أنه يعطيه منها ما قسم له فيها من رزق أيام حياته ، ثم لا نصيب له في كرامة الله التي أعدها لمن أطاعه وطلب ما عنده في الآخرة " ومن يرد ثواب الآخرة " ، يقول : ومن يرد منكم بعمله جزاء منه ثواب الآخرة ، يعني : ما عند الله من كرامته التي أعدها للعاملين له في الآخرة "نؤته منها " ، يقول : نعطه منها ، يعني من الآخرة . والمعنى : من كرامة الله التي خص بها أهل طاعته في الآخرة . فخرج الكلام على الدنيا والآخرة ، والمعنى ما فيهما . كما : -

7955 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها " ، أي : فمن كان منكم يريد الدنيا ، ليست له رغبة في الآخرة ، نؤته ما قسم له منها من رزق ، ولا حظ له في [ ص: 263 ] الآخرة ومن يرد ثواب الآخرة نوته منها " ما وعده ، مع ما يجري عليه من رزقه في دنياه .

وأما قوله : " وسنجزي الشاكرين " ، يقول : وسأثيب من شكر لي ما أوليته من إحساني إليه بطاعته إياي ، وانتهائه إلى أمري ، وتجنبه محارمي في الآخرة مثل الذي وعدت أوليائي من الكرامة على شكرهم إياي .

وقال ابن إسحاق في ذلك بما : -

7956 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " وسنجزي الشاكرين " ، أي : ذلك جزاء الشاكرين ، يعني بذلك ، إعطاء الله إياه ما وعده في الآخرة ، مع ما يجري عليه من الرزق في الدنيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية