الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أثبت أن الإلهية لا تصلح لغيره، وأن غيره لم يكن يقدر على تفضيلهم، وكان المقام للعظمة، وكان كأنه قيل إيذانا بغلظ أكبادهم وقلة فطنتهم وسوء مقابلتهم للمنعم: اذكروا ذلك، أي: تفضيله لكم باصطفاء آبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب وما تقدم له عندهم وعند أولادهم من النعم لا سيما يوسف عليه السلام الذي حكمه في جميع الأرض التي استذلكم أهلها; عطف عليه إشارة إليه قوله التفاتا إلى مظهر العظمة تذكيرا بعظمة مدخوله: وإذ أي: واذكروا إذ أنجيناكم أي: على ما نحن عليه من العظمة التي أنتم لها عارفون، ولها [في] كل وقت في تلك الآيات مشاهدون من آل فرعون وما أفضنا عليكم بعد الإنجاء من النعم الجسام وأريناكم من الآيات العظام تعرفوا أنا فضلناكم [ ص: 73 ] على جميع الأنام; ثم استأنف بيان ما أنجاهم منه بقوله: يسومونكم أي: ينزلون بكم دائما سوء العذاب

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان السياق - كما مضى - لبيان إسراعهم في الكفر وشدة علوتهم في قوتهم وجلافتهم، وكان مقصود السورة إنذار المعرضين وتحذيرهم من القوارع التي أحلها بالماضين، بين سوء العذاب عادلا في بيانه عن التذبيح - لأنه لا يكون عند الانذباح، وهو في الأصل لمطلق الشق - إلى التعبير بالقتل لأنه أدل على الإماتة وأهز؛ لأنه قد يكون على هيئة شديدة بشعة كالتقطيع والنخس والخبط وغير ذلك مع أنه لا بد فيه من تفويت ذلك فقال: يقتلون أي: تقتيلا كثيرا - أبناءكم ودل على حقيقة القتل بقوله: ويستحيون

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان المعنى أنهم لا يعرضون للإناث صغارا ولا كبارا، [وكان إنكار ما يكون إبقاء النساء بلا رجال لما يخشى من الضياع والعار، وكان مظنة العار أكبر]، عبر عنهن بقوله: نساءكم وتنبيها على أن قتل الأبناء إنما هو للخوف من صيرورتهم رجالا لئلا يسلبهم واحد منهم أعلمهم به كهانهم ملكهم; وأشار إلى شدة ذلك بقوله: وفي ذلكم أي: الأمر الصعب المهول بلاء أي: اختبار لكم ولهم من ربكم أي: المحسن إليكم في حالي الشدة والرخاء، فإنه أخفى عنهم الذي قصدوا القتل لأجله، وأنقذكم به بعد أن رباه عند الذي هو مجتهد في ذبحه عظيم

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية