الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : تبارك الذي جعل في السماء بروجا فيها أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنها النجوم العظام ، وهو قول أبي صالح .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنها قصور في السماء فيها الحرس ، وهو قول عطية العوفي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنها مواضع الكواكب .

                                                                                                                                                                                                                                        والرابع : أنها منازل الشمس ، وقرئ برجا ، قرأ بذلك قتادة ، وتأوله النجم .

                                                                                                                                                                                                                                        وقمرا منيرا يعني مضيئا ، ولذا جعل الشمس سراجا والقمر منيرا ، لأنه لما اقترن بضياء الشمس وهج حرها جعلها لأجل الحرارة سراجا ، ولما كان ذلك في القمر معدوما جعله نورا .

                                                                                                                                                                                                                                        وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة فيه ثلاثة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنه جعل ما فات من عمل أحدهما خلفة يقضي في الآخر ، قاله عمر بن الخطاب والحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه جعل كل واحد منهما مخالفا لصاحبه فجعل أحدهما أبيض والآخر أسود ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أن كل واحد منهما يخلف صاحبه إذا مضى هذا جاء هذا ، قاله ابن زيد ومنه قول زهير :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 154 ]

                                                                                                                                                                                                                                        بها العين والآرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم



                                                                                                                                                                                                                                        لمن أراد أن يذكر أي يصلي بالنهار صلاة الليل ويصلي بالليل صلاة النهار .

                                                                                                                                                                                                                                        أو أراد شكورا هو النافلة بعد الفريضة ، وقيل نزلت هذه الآية في عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية