الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 101 ] النوع الرابع .

الصيفي والشتائي .

قال الواحدي : أنزل الله في الكلالة آيتين : إحداهما في الشتاء ، وهي التي في أول النساء ، والأخرى في الصيف وهي التي في آخرها .

وفي صحيح مسلم ، عن عمر : ما راجعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء ما راجعته في الكلالة ، وما أغلظ في شيء ما أغلظ لي فيه ، حتى طعن بأصبعه في صدري وقال : يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء ! .

وفي المستدرك : عن أبي هريرة : أن رجلا قال : يا رسول الله ما الكلالة ؟ قال : أما سمعت الآية التي نزلت في الصيف يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة [ النساء : 176 ] .

وقد تقدم أن ذلك في سفر حجة الوداع ، فيعد من الصيفي ما نزل فيها كأول المائدة ، وقوله اليوم أكملت لكم دينكم [ المائدة : 3 ] واتقوا يوما ترجعون [ البقرة : 281 ] . وآية الدين وسورة النصر .

ومنه : الآيات النازلة في غزوة تبوك ، فقد كانت في شدة الحر ، أخرجه البيهقي في الدلائل من طريق إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر بن حزم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يخرج في وجه من مغازيه إلا أظهر أنه يريد غيره ، غير أنه في غزوة تبوك قال : يا أيها الناس إني أريد الروم فأعلمهم ، وذلك في زمان البأس وشدة الحر وجدب [ ص: 102 ] البلاد ، فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم في جهازه إذ قال للجد بن قيس : هل لك في بنات بني الأصفر ؟ قال : يا رسول الله ، لقد علم قومي أنه ليس أحدا أشد عجبا بالنساء مني ، وإني أخاف إن رأيت نساء بني الأصفر أن يفتنني ، فأذن لي . فأنزل الله : ومنهم من يقول ائذن لي [ التوبة : 49 ] الآية .

وقال رجل من المنافقين : لا تنفروا في الحر ، فأنزل الله : قل نار جهنم أشد حرا [ التوبة : 81 ] .

ومن أمثلة الشتائي : قوله : إن الذين جاءوا بالإفك إلى قوله : ورزق كريم [ النور : 11 - 26 ] . ففي الصحيح : عن عائشة : أنها نزلت في يوم شات .

والآيات التي في غزوة الخندق من سورة الأحزاب ، فقد كانت في البرد ، ففي حديث حذيفة : تفرق الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الأحزاب إلا اثني عشر رجلا ، فأتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قم فانطلق إلى عسكر الأحزاب قلت : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ما قمت لك إلا حياء ، من البرد . . . . الحديث ; وفيه : فأنزل الله ياأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود [ الأحزاب : 9 ] إلى آخرها . أخرجه البيهقي في الدلائل .

التالي السابق


الخدمات العلمية