الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ما يكره من النميمة وقوله هماز مشاء بنميم ويل لكل همزة لمزة يهمز ويلمز ويعيب واحد

                                                                                                                                                                                                        5709 حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن همام قال كنا مع حذيفة فقيل له إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان فقال له حذيفة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة قتات

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب ما يكره من النميمة ) كأنه أشار بهذه الترجمة إلى بعض القول المنقول على جهة الإفساد يجوز إذا كان المقول فيه كافرا مثلا ، كما يجوز التجسس في بلاد الكفار ونقل ما يضرهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقوله - تعالى - : هماز مشاء بنميم ) قال الراغب همز الإنسان اغتيابه ، والنم إظهار الحديث بالوشاية ، وأصل النميمة الهمس والحركة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويل لكل همزة لمزة ، يهمز ويلمز ويعيب واحد ) كذا للأكثر بكسر العين المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة ، ووقع في رواية الكشميهني ويغتاب بغين معجمة ساكنة ثم مثناة وأظنه تصحيفا ، والهمزة الذي يكثر منه الهمز وكذا اللمزة ، واللمز تتبع المعايب . ونقل ابن التين أن اللمز العيب في الوجه والهمز في القفا ، وقيل : بالعكس ، وقيل : الهمز الكسر واللمز الطعن ، فعلى هذا هما بمعنى واحد ; لأن المراد بالكسر الكسر من الأعراض وبالطعن الطعن فيها ، وحكي في ميم يهمز ويلمز الضم والكسر ، وأسند البيهقي عن ابن جريج قال : الهمز بالعين والشدق واليد ، واللمز باللسان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سفيان ) هو الثوري ، ومنصور هو ابن معتمر ، وإبراهيم هو النخعي ، وهمام هو ابن الحارث ، والسند كله كوفيون .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 488 ] قوله : ( إن رجلا يرفع الحديث ) لم أقف على اسمه ، وعثمان هو ابن عفان أمير المؤمنين .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال حذيفة ) في رواية المستملي " فقال له حذيفة " ولمسلم من رواية الأعمش عن إبراهيم " فقال حذيفة وأراده أن يسمعه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا يدخل الجنة ) أي في أول وهلة كما في نظائره .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قتات ) بقاف ومثناة ثقيلة وبعد الألف مثناة أخرى هو النمام ، ووقع بلفظ نمام في رواية أبي وائل عن حذيفة عند مسلم ، وقيل : الفرق بين القتات والنمام أن النمام الذي يحضر فينقلها والقتات الذي يتسمع من حيث لا يعلم به ثم ينقل ما سمعه . قال الغزالي ما ملخصه : ينبغي لمن حملت إليه نميمة أن لا يصدق من نم له ولا يظن بمن نم عنه ما نقل عنه ولا يبحث عن تحقيق ما ذكر له وأن ينهاه ويقبح له فعله وأن يبغضه إن لم ينزجر وأن لا يرضى لنفسه ما نهي النمام عنه فينم هو على النمام فيصير نماما ، قال النووي : وهذا كله إذا لم يكن في النقل مصلحة شرعية وإلا فهي مستحبة أو واجبة ، كمن اطلع من شخص أنه يريد أن يؤذي شخصا ظلما فحذره منه ، وكذا من أخبر الإمام أو من له ولاية بسيرة نائبه مثلا فلا منع من ذلك ، وقال الغزالي ما ملخصه : النميمة في الأصل نقل القول إلى المقول فيه ، ولا اختصاص لها بذلك بل ضابطها كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو غيرهما ، وسواء كان المنقول قولا أم فعلا ، وسواء كان عيبا أم لا ، حتى لو رأى شخصا يخفي ما له فأفشى كان نميمة . واختلف في الغيبة والنميمة هل هما متغايرتان أو متحدتان ، والراجح التغاير ، وأن بينهما عموما وخصوصا وجهيا ، وذلك لأن النميمة نقل حال الشخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه سواء كان بعلمه أم بغير علمه ، والغيبة ذكره في غيبته بما لا يرضيه ، فامتازت النميمة بقصد الإفساد ، ولا يشترط ذلك في الغيبة ، وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه ، واشتركتا فيما عدا ذلك . ومن العلماء من يشترط في الغيبة أن يكون المقول فيه غائبا ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية