الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الصبر على الأذى وقول الله تعالى إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب

                                                                                                                                                                                                        5748 حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال حدثني الأعمش عن سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس أحد أو ليس شيء أصبر على أذى سمعه من الله إنهم ليدعون له ولدا وإنه ليعافيهم ويرزقهم [ ص: 528 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 528 ] قوله : ( باب الصبر في الأذى ) أي حبس النفس عن المجازاة على الأذى قولا أو فعلا ، وقد يطلق على الحلم ( وقول الله - تعالى - : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) قال بعض أهل العلم : الصبر على الأذى جهاد النفس ، وقد جبل الله الأنفس على التألم بما يفعل بها ويقال فيها ; ولهذا شق على النبي - صلى الله عليه وسلم - نسبتهم له إلى الجور في القسمة ، لكنه حلم عن القائل فصبر لما علم من جزيل ثواب الصابرين وأن الله - تعالى - يأجره بغير حساب ، والصابر أعظم أجرا من المنفق لأن حسنته مضاعفة إلى سبعمائة ، والحسنة في الأصل بعشر أمثالها إلا من شاء أن يزيده ، وقد تقدم في أوائل الإيمان حديث ابن مسعود الصبر نصف الإيمان وقد ورد في الصبر على الأذى حديث ليس على شرط البخاري ، وهو ما أخرجه ابن ماجه بسند حسن عن ابن عمر رفعه المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم وأخرجه الترمذي من حديث صحابي لم يسم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : حديث أبي موسى ( ليس أحد أو ليس شيء ) هو شك من الراوي ، وقد أخرجه النسائي عن عمرو بن علي عن يحيى بن سعيد بسند البخاري وقال فيه أحد بغير شك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أصبر على أذى ) هو بمعنى الحلم ، أو أطلق الصبر لأنه بمعنى الحبس والمراد به حبس العقوبة على مستحقها عاجلا وهذا هو الحلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( على أذى سمعه من الله ) قد بينه في بقية الحديث ، وهو أنهم يشركون به ويرزقهم ، وسيأتي شرحه مستوفى في كتاب التوحيد إن شاء الله - تعالى - .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية