الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 393 ]

مسألة

عن رجل يزعم أنه شيخ ويتوب الناس ويأمرهم بأكل الحية [ ص: 394 ] سئل الشيخ تقي الدين رحمة الله عليه عن رجل يزعم أنه شيخ ومن أولاد المشايخ ، ويجلس على سجادة ويتوب الناس ، ثم إنه يأمر الفقراء بأكل الحية وبمسكها ، وإذا قصدوا أكلها أكلوها في حضرة الشيخ ، ويسيل دمها على لحاهم ، ثم يأمرهم بالدخول في النار ويأكلوا منها ، ويأخذ الشيخ عصا يعصر منها دما أو سمنا ، ويتوب النساء حتى يخرجن مولهين ، ويحاضر الشيخ النساء ويزعم أنه من السادات العلماء المتصلين بالله تعالى ، وأن ذلك كله من الكرامات الربانية ، فهل ذلك كله أفعال ربانية أو شيطانية ؟ وهل السلف فعلوا ذلك أم لا ؟ وهل يحل فعل ذلك أم لا ؟ وهل يحل لمسلم إكرام من كانت هذه أفعاله أو مجالسته أم لا ؟ وكل ذلك بدعة محضة أو لا ؟ أفتونا رحمكم الله ، وأوضح عن كل فصل ، فإن هذه البدع قد فشت في البلاد ، واستحوذ الشيطان على قلوب جماعة كثيرة ، أفتونا مأجورين مثابين .

فأجاب رحمه الله تعالى

الحمد لله رب العالمين . من أمر الناس بأكل الحيات أو العقارب أو الزنابير أو غير ذلك من الخبائث التي حرمها الله ورسوله ، وجعل كل ذلك من كرامات الأولياء ، فهو مبتدع ضال مستحق للعقوبة التي تزجره [ ص: 396 ] وأمثاله عن ذلك ، فإن المسلمين متفقون على أن أكل الحيات ليس مما أمر الله به ورسوله ، ولا هو من كرامات الأولياء ، بل ذلك محرم عند جمهور علماء المسلمين . وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم » ، وذكر منها الحية والعقرب . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتل الحيات ، ولم يتقدم لأحد من أهل الخير أمر لأحد من أتباعهم بأكل الحيات .

التالي السابق


الخدمات العلمية