الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 215 ] المنقطع والمعضل


132 . وسم بالمنقطع : الذي سقط قبل الصحابي به راو فقط      133 . وقيل : ما لم يتصل ، وقالا :
بأنه الأقرب لا استعمالا      134 . والمعضل : الساقط منه اثنان
فصاعدا ، ومنه قسم ثان      135 . حذف النبي والصحابي معا
ووقف متنه على من تبعا

التالي السابق


اختلف في صورة الحديث المنقطع . فالمشهور : أنه ما سقط من رواته راو واحد غير الصحابي . وحكى ابن الصلاح عن الحاكم وغيره من أهل الحديث : أنه ما سقط منه قبل الوصول إلى التابعي شخص واحد ، وإن كان أكثر من واحد سمي : معضلا . ويسمى أيضا : منقطعا .

[ ص: 216 ] فقول الحاكم : قبل الوصول إلى التابعي ، ليس بجيد . فإنه لو سقط التابعي كان منقطعا أيضا ، فالأولى أن يعبر بما قلناه : قبل الصحابي . وقال ابن عبد البر : المنقطع ما لم يتصل إسناده ، والمرسل مخصوص بالتابعين . فالمنقطع أعم . وحكى ابن الصلاح عن بعضهم أن المنقطع مثل المرسل ، وكلاهما شامل لكل ما لا يتصل إسناده . - قال - : وهذا المذهب أقرب ، صار إليه طوائف من الفقهاء وغيرهم . وهو الذي ذكره الخطيب في كفايته إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأكثر ما يوصف بالانقطاع ما رواه من دون التابعين عن الصحابة . مثل : مالك ، عن ابن عمر ، ونحو ذلك . انتهى .

والمعضل : ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا من أي موضع كان . سواء سقط الصحابي والتابعي ، أو التابعي وتابعه ، أو اثنان قبلهما ، لكن بشرط أن يكون سقوطهما من موضع واحد . أما إذا سقط واحد من بين رجلين ، ثم سقط من موضع آخر من الإسناد واحد آخر فهو منقطع في موضعين . ولم أجد في كلامهم إطلاق المعضل عليه ، وإن كان ابن الصلاح أطلق عليه سقوط اثنين فصاعدا ، فهو محمول على هذا . وأما [ ص: 217 ] اشتقاق لفظه ، فقال ابن الصلاح : أهل الحديث يقولون : أعضله فهو معضل - بفتح الضاد - ، وهو اصطلاح مشكل المأخذ من حيث اللغة ، وبحثت فوجدت له قولهم : أمر عضيل ، أي : مستغلق شديد . ولا التفات في ذلك إلى معضل -بكسر الضاد- وإن كان مثل عضيل في المعنى . ومثل أبو نصر السجزي المعضل بقول مالك : بلغني عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : " للمملوك طعامه وكسوته ، . . . الحديث" .

[ ص: 218 ] وقال أصحاب الحديث يسمونه المعضل . قال ابن الصلاح : وقول المصنفين : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا ، من قبيل المعضل .

وقوله : ( ومنه قسم ثان ) ، أي : ومن المعضل قسم ثان ، وهو أن يروي تابع التابعي عن التابعي حديثا موقوفا عليه ، وهو حديث متصل مسند إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كما روى الأعمش عن الشعبي ، قال : يقال للرجل في القيامة: عملت كذا وكذا ، فيقول ما عملته . فيختم على فيه ، الحديث . فقد جعله الحاكم نوعا من المعضل ، أعضله الأعمش ، ووصله فضيل بن عمرو ، عن الشعبي ، عن أنس ، قال : كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فضحك . فقال : هل تدرون مم أضحك ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فقال : من مخاطبة العبد ربه ، يقول : يا رب! ألم تجرني من الظلم ؟ فيقول : بلى . وذكر الحديث . رواه مسلم . قال ابن الصلاح : هذا جيد حسن; لأن هذا الانقطاع بواحد مضموما إلى الوقف يشتمل على الانقطاع باثنين : الصحابي ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذلك باستحقاق اسم الإعضال أولى .




الخدمات العلمية