الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وما تنقم أي: ما تكره، وجاء في الماضي نقم ونقم على وزن ضرب وعلم. منا معشر من آمن، إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا وذلك أصل المفاخر وأعظم المحاسن، والاستثناء مفرغ، والمصدر في موضع المفعول به، والكلام على حد قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      ولا عيب فيهم غير أن ضيوفهم تعاب بنسيان الأحبة والوطن

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن (تنقم) مضارع نقم بمعنى عاقب، يقال: نقم منه نقما وتنقاما، وانتقم إذا عاقبه، وإلى هذا يشير ما روي عن عطاء، وعليه فيكون أن آمنا في موضع المفعول له، والمراد على التقديرين حسم طمع فرعون في نجع تهديده إياهم، ويحتمل أن يكون على الثاني تحقيقا لما أشاروا إليه أولا من الرحمة والثواب، ثم أعرضوا عن مخاطبته وفزعوا والتجئوا إليه سبحانه وقالوا: ربنا أفرغ علينا صبرا أي: أفض علينا صبرا يغمرنا كما يفرغ الماء، أو صب علينا ما يطهرنا من الآثام وهو الصبر على وعيد فرعون، (فأفرغ) على الأول استعارة تبعية تصريحية وصبرا قرينتها.

                                                                                                                                                                                                                                      والمراد: هب لنا صبرا تاما كثيرا، وعلى الثاني يكون (صبرا) استعارة أصلية مكنية و (أفرغ) تخييلية، وقيل: الكلام على الأول كالكلام على الثاني إلا أن الجامع هناك الغمر وهاهنا التطهير، وليس بذاك وإن جل قائله. وتوفنا مسلمين أي: ثابتين على ما رزقتنا من الإسلام غير مفتونين من الوعيد. عن ابن عباس والكلبي والسدي أنه فعل بهم ما أوعدهم به، وقيل: لم يقدر عليه لقوله تعالى: فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاب الأولون عن ذلك بأن المراد الغلبة بالحجة أو في عاقبة الأمر ونهايته، وهذا لا ينافي قتل البعض.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية