الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض )

قال أبو جعفر : وقوله : " الذين يذكرون الله قياما وقعودا " من نعت"أولي الألباب" ، و"الذين" في موضع خفض ردا على قوله : "لأولي الألباب" .

ومعنى الآية : إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ، الذاكرين الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم يعني بذلك : قياما في صلاتهم ، وقعودا في تشهدهم وفي غير صلاتهم ، وعلى جنوبهم نياما . كما : -

8354 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن [ ص: 475 ] ابن جريج ، قوله : " الذين يذكرون الله قياما وقعودا " الآية ، قال : هو ذكر الله في الصلاة وفي غير الصلاة ، وقراءة القرآن .

8355 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم " ، وهذه حالاتك كلها يا ابن آدم ، فاذكره وأنت على جنبك ، يسرا من الله وتخفيفا .

قال أبو جعفر : فإن قال قائل : وكيف قيل : "وعلى جنوبهم" : فعطف ب"على" ، وهي صفة ، على"القيام والقعود" وهما اسمان؟

قيل : لأن قوله : " وعلى جنوبهم " في معنى الاسم ، ومعناه : ونياما ، أو : "مضطجعين على جنوبهم" ، فحسن عطف ذلك على"القيام" و"القعود" لذلك المعنى ، كما قيل : ( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما ) [ سورة يونس : 12 ] فعطف بقوله : " أو قاعدا أو قائما " على قوله : "لجنبه" ، لأن معنى قوله : "لجنبه" ، مضطجعا ، فعطف ب"القاعد" و"القائم" على معناه ، فكذلك ذلك في قوله : " وعلى جنوبهم " .

وأما قوله : " ويتفكرون في خلق السماوات والأرض " ، فإنه يعني بذلك أنهم يعتبرون بصنعة صانع ذلك ، فيعلمون أنه لا يصنع ذلك إلا من ليس كمثله شيء ، ومن هو مالك كل شيء ورازقه ، وخالق كل شيء ومدبره ، ومن هو على كل شيء قدير ، وبيده الإغناء والإفقار ، والإعزاز والإذلال ، والإحياء والإماتة ، والشقاء والسعادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية