الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 476 ] القول في تأويل قوله ( ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ( 191 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك تعالى ذكره : " ويتفكرون في خلق السماوات والأرض " قائلين : " ربنا ما خلقت هذا باطلا " ، فترك ذكر"قائلين" ، إذ كان فيما ظهر من الكلام دلالة عليه .

وقوله : " ما خلقت هذا باطلا " يقول : لم تخلق هذا الخلق عبثا ولا لعبا ، ولم تخلقه إلا لأمر عظيم من ثواب وعقاب ومحاسبة ومجازاة ، وإنما قال : "ما خلقت هذا باطلا" ولم يقل : "ما خلقت هذه ، ولا هؤلاء" ، لأنه أراد ب"هذا" ، الخلق الذي في السماوات والأرض . يدل على ذلك قوله : " سبحانك فقنا عذاب النار " ، ورغبتهم إلى ربهم في أن يقيهم عذاب الجحيم . ولو كان المعني بقوله : " ما خلقت هذا باطلا " ، السموات والأرض ، لما كان لقوله عقيب ذلك : " فقنا عذاب النار " ، معنى مفهوم . لأن"السموات والأرض" أدلة على بارئها ، لا على الثواب والعقاب ، وإنما الدليل على الثواب والعقاب ، الأمر والنهي .

وإنما وصف جل ثناؤه : " أولي الألباب " الذين ذكرهم في هذه الآية : أنهم إذا رأوا المأمورين المنهيين قالوا : "يا ربنا لم تخلق هؤلاء باطلا عبثا سبحانك" ، يعني : تنزيها لك من أن تفعل شيئا عبثا ، ولكنك خلقتهم لعظيم من الأمر ، لجنة أو نار .

ثم فزعوا إلى ربهم بالمسألة أن يجيرهم من عذاب النار ، وأن لا يجعلهم ممن عصاه وخالف أمره ، فيكونوا من أهل جهنم .

التالي السابق


الخدمات العلمية