[ ص: 1 ] [ ص: 2 ] [ ص: 3 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
رَبِّ يَسِّرْ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ بِإِجْمَاعٍ ، وَرُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ مُنْصَرَفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ
الْحُدَيْبِيَةِ . وَذَكَرَ
النَّقَّاشُ عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ :
لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ : يَا عَلِيُّ أَشَعَرْتَ أَنَّهُ نَزَلَتْ عَلَيَّ سُورَةُ الْمَائِدَةِ وَنِعْمَتِ الْفَائِدَةُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ اعْتِقَادُهُ ; أَمَا إِنَّا نَقُولُ : سُورَةُ " الْمَائِدَةِ ، وَنِعْمَتِ الْفَائِدَةُ " فَلَا نَأْثِرُهُ عَنْ أَحَدٍ وَلَكِنَّهُ كَلَامٌ حَسَنٌ .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا عِنْدِي لَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
سُورَةُ الْمَائِدَةِ تُدْعَى فِي مَلَكُوتِ اللَّهِ الْمُنْقِذَةَ تُنْقِذُ صَاحِبَهَا مِنْ أَيْدِي مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ . وَمِنْ هَذِهِ السُّورَةِ مَا نَزَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَمِنْهَا مَا أُنْزِلَ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ الْآيَةَ . وَكُلُّ
nindex.php?page=treesubj&link=28889مَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ بَعْدَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مَدَنِيٌّ ، سَوَاءٌ نَزَلَ
بِالْمَدِينَةِ أَوْ فِي سَفَرٍ مِنَ الْأَسْفَارِ ، وَإِنَّمَا يُرْسَمُ بِالْمَكِّيِّ مَا نَزَلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ .
وَقَالَ
أَبُو مَيْسَرَةَ :
nindex.php?page=treesubj&link=32268 " الْمَائِدَةُ " مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ لَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ ، وَفِيهَا ثَمَانِ عَشْرَةَ فَرِيضَةً لَيْسَتْ فِي غَيْرِهَا ; وَهِيَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=4وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ، وَتَمَامُ الطُّهُورِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِلَى قَوْلِهِ :
[ ص: 4 ] nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=103مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ الْآيَةَ .
قُلْتُ : وَفَرِيضَةٌ تَاسِعَةَ عَشْرَةَ وَهِيَ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=58وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ لِلْأَذَانِ ذِكْرٌ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، أَمَّا مَا جَاءَ فِي سُورَةِ " الْجُمُعَةِ " فَمَخْصُوصٌ بِالْجُمُعَةِ ، وَهُوَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَامٌّ لِجَمِيعِ الصَّلَوَاتِ ، وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ " الْمَائِدَةِ " فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ سُورَةَ الْمَائِدَةِ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ فَأَحِلُّوا حَلَالَهَا وَحَرِّمُوا حَرَامَهَا وَنَحْوَهُ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَوْقُوفًا ; قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15622جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ : دَخَلْتُ عَلَى
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ : هَلْ تَقْرَأُ سُورَةَ " الْمَائِدَةِ " ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَتْ : فَإِنَّهَا مِنْ آخِرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ ، وَقَالَ
الشَّعْبِيُّ : لَمْ يُنْسَخْ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ إِلَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ الْآيَةَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : نُسِخَ مِنْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ
فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَالَ
عَلْقَمَةُ : كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) فَهُوَ مَدَنِيٌّ ، وَ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) فَهُوَ مَكِّيٌّ ; وَهَذَا خُرِّجَ عَلَى الْأَكْثَرِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا تَلُوحُ فَصَاحَتُهَا وَكَثْرَةُ مَعَانِيهَا عَلَى قِلَّةِ أَلْفَاظِهَا لِكُلِّ ذِي بَصِيرَةٍ بِالْكَلَامِ ; فَإِنَّهَا تَضَمَّنَتْ خَمْسَةَ أَحْكَامٍ :
الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18085الْأَمْرُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ .
الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=16839تَحْلِيلُ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
الثَّالِثُ : اسْتِثْنَاءُ مَا يَلِي بَعْدَ ذَلِكَ .
الرَّابِعُ : اسْتِثْنَاءُ حَالِ الْإِحْرَامِ فِيمَا يُصَادُ .
الْخَامِسُ : مَا تَقْتَضِيهِ الْآيَةُ مِنْ إِبَاحَةِ الصَّيْدِ
[ ص: 5 ] لِمَنْ لَيْسَ بِمُحْرِمٍ . وَحَكَى
النَّقَّاشُ أَنَّ أَصْحَابَ
الْكِنْدِيِّ قَالُوا لَهُ : أَيُّهَا الْحَكِيمُ اعْمَلْ لَنَا مِثْلَ هَذَا الْقُرْآنِ . فَقَالَ : نَعَمْ ! أَعْمَلُ مِثْلَ بَعْضِهِ ; فَاحْتَجَبَ أَيَّامًا كَثِيرَةً ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا أَقْدِرُ وَلَا يُطِيقُ هَذَا أَحَدٌ ; إِنِّي فَتَحْتُ الْمُصْحَفَ فَخَرَجَتْ سُورَةُ " الْمَائِدَةِ " فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ نَطَقَ بِالْوَفَاءِ وَنَهَى عَنِ النَّكْثِ ، وَحَلَّلَ تَحْلِيلًا عَامًّا ، ثُمَّ اسْتَثْنَى اسْتِثْنَاءً بَعْدَ اسْتِثْنَاءٍ ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ فِي سَطْرَيْنِ ، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا إِلَّا فِي أَجْلَادٍ .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : أَوْفُوا يُقَالُ : وَفَى وَأَوْفَى لُغَتَانِ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=37وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى وَقَالَ الشَّاعِرُ ( هُوَ
طُفَيْلٌ الْغَنَوِيُّ ) :
أَمَّا ابْنُ طَوْقٍ فَقَدْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ كَمَا وَفَى بِقِلَاصِ النَّجْمِ حَادِيهَا
فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ .
بِالْعُقُودِ : الْعُقُودُ الرُّبُوطُ ، وَاحِدُهَا عَقْدٌ ; يُقَالُ : عَقَدْتُ الْعَهْدَ وَالْحَبْلَ ، وَعَقَدْتُ الْعَسَلَ فَهُوَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَعَانِي وَالْأَجْسَامِ ; قَالَ
الْحُطَيْئَةُ :
قَوْمٌ إِذَا عَقَدُوا عَقْدًا لِجَارِهِمُ شَدُّوا الْعِنَاجَ وَشَدُّوا فَوْقَهُ الْكَرَبَا
فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ ; قَالَ
الْحَسَنُ : يَعْنِي بِذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=18085عُقُودَ الدَّيْنِ وَهِيَ مَا عَقَدَهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ ; مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَكِرَاءٍ وَمُنَاكَحَةٍ وَطَلَاقٍ وَمُزَارَعَةٍ وَمُصَالَحَةٍ وَتَمْلِيكٍ وَتَخْيِيرٍ وَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ ، مَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ خَارِجٍ عَنِ الشَّرِيعَةِ ; وَكَذَلِكَ مَا عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ مِنَ الطَّاعَاتِ ، كَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْقِيَامِ وَالنَّذْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ طَاعَاتِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَأَمَّا نَذْرُ الْمُبَاحِ فَلَا يَلْزَمُ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ . ثُمَّ قِيلَ : إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
أَهْلِ الْكِتَابِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=187وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : هُوَ خَاصٌّ
بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ ، وَقِيلَ : هِيَ عَامَّةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ ; فَإِنَّ لَفْظَ الْمُؤْمِنِينَ يَعُمُّ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ ; لِأَنَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَقْدًا فِي أَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِيمَا فِي كِتَابِهِمْ مِنْ أَمْرِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَإِنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وَغَيْرِ مَوْضِعٍ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : أَوْفُوا بِالْعُقُودِ مَعْنَاهُ بِمَا أَحَلَّ وَبِمَا حَرَّمَ وَبِمَا فَرَضَ وَبِمَا حَدَّ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ; وَكَذَلِكَ قَالَ
مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=830456وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ : قَرَأْتُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى نَجْرَانَ وَفِي صَدْرِهِ : ( هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [ ص: 6 ] nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فَكَتَبَ الْآيَاتِ فِيهَا إِلَى قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=4إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : الْمَعْنَى أَوْفُوا بِعَقْدِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَبِعَقْدِكُمْ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَهَذَا كُلُّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْبَابِ ; قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=treesubj&link=18085الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830458كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ فَبَيَّنَ أَنَّ الشَّرْطَ أَوِ الْعَقْدَ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ أَيْ : دِينَ اللَّهِ ; فَإِنْ ظَهَرَ فِيهَا مَا يُخَالِفُ رُدَّ ; كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830459مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ . ذَكَرَ
ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : اجْتَمَعَتْ قَبَائِلُ مِنْ
قُرَيْشٍ فِي دَارِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ - لِشَرَفِهِ وَنَسَبِهِ - فَتَعَاقَدُوا وَتَعَاهَدُوا عَلَى أَلَّا يَجِدُوا
بِمَكَّةَ مَظْلُومًا مِنْ أَهْلِهَا أَوْ غَيْرِهِمْ إِلَّا قَامُوا مَعَهُ حَتَّى تُرَدَّ عَلَيْهِ مَظْلَمَتُهُ ; فَسَمَّتْ
قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْحِلْفَ
nindex.php?page=treesubj&link=29269حِلْفَ الْفُضُولِ ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838909لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَلَوِ ادُّعِيَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ ، وَهَذَا الْحِلْفُ هُوَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830460وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلشَّرْعِ إِذْ أَمَرَ بِالِانْتِصَافِ مِنَ الظَّالِمِ ; فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ عُهُودِهِمُ الْفَاسِدَةِ وَعُقُودِهِمُ الْبَاطِلَةِ عَلَى الظُّلْمِ وَالْغَارَاتِ فَقَدْ هَدَمَهُ الْإِسْلَامُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : تَحَامَلَ
الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ عَلَى
الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فِي مَالٍ لَهُ - لِسُلْطَانِ
الْوَلِيدِ ; فَإِنَّهُ كَانَ أَمِيرًا عَلَى
الْمَدِينَةِ - فَقَالَ لَهُ
الْحُسَيْنُ : أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَتُنْصِفَنِّي مِنْ حَقِّي أَوْ لَآخُذَنَّ بِسَيْفِي ثُمَّ لَأَقُومَنَّ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَأَدْعُوَنَّ بِحِلْفِ الْفُضُولِ . قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ : وَأَنَا أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَئِنْ دَعَانِي لَآخُذَنَّ بِسَيْفِي ثُمَّ لَأَقُومَنَّ مَعَهُ حَتَّى يَنْتَصِفَ مِنْ حَقِّهِ أَوْ نَمُوتَ جَمِيعًا ; وَبَلَغَتِ
الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ; وَبَلَغَتْ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيَّ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ; فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ
الْوَلِيدَ أَنْصَفَهُ .
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ الْخِطَابُ لِكُلِّ مَنِ الْتَزَمَ الْإِيمَانَ عَلَى وَجْهِهِ وَكَمَالِهِ ; وَكَانَتْ لِلْعَرَبِ سُنَنٌ فِي الْأَنْعَامِ مِنَ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِّ ، يَأْتِي بَيَانُهَا ; فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رَافِعَةً لِتِلْكَ الْأَوْهَامِ الْخَيَالِيَّةِ ، وَالْآرَاءِ الْفَاسِدَةِ الْبَاطِلِيَّةِ ، وَاخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16839مَعْنَى بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَالْبَهِيمَةُ اسْمٌ لِكُلِّ ذِي أَرْبَعٍ ; سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِبْهَامِهَا مِنْ جِهَةِ نَقْصِ نُطْقِهَا وَفَهْمِهَا وَعَدَمِ تَمْيِيزِهَا وَعَقْلِهَا ; وَمِنْهُ بَابٌ مُبْهَمٌ أَيْ : مُغْلَقٌ ، وَلَيْلٌ بَهِيمٌ ، وَبُهْمَةٌ لِلشُّجَاعِ الَّذِي لَا يُدْرَى مِنْ أَيْنَ يُؤْتَى لَهُ . وَالْأَنْعَامُ : الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلِينِ مَشْيِهَا ;
[ ص: 7 ] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=7وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=142وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا يَعْنِي كِبَارًا وَصِغَارًا ; ثُمَّ بَيَّنَهَا فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=143ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا يَعْنِي الْغَنَمَ ( وَأَوْبَارِهَا ) يَعْنِي الْإِبِلَ ( وَأَشْعَارِهَا ) يَعْنِي الْمَعْزَ ; فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَدِلَّةٍ تُنْبِئُ عَنْ تَضَمُّنِ اسْمِ الْأَنْعَامِ لِهَذِهِ الْأَجْنَاسِ ; الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ; وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ . قَالَ
الْهَرَوِيُّ : وَإِذَا قِيلَ النَّعَمُ فَهُوَ الْإِبِلُ خَاصَّةً ، وَقَالَ
الطَّبَرِيُّ : وَقَالَ قَوْمٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ وَحْشِيُّهَا كَالظِّبَاءِ وَبَقَرِ الْوَحْشِ وَالْحُمُرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَذَكَرَهُ غَيْرُ
الطَّبَرِيِّ عَنْ السُّدِّيِّ وَالرَّبِيعِ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : أُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ ، فَأُضِيفَ الْجِنْسُ إِلَى أَخَصِّ مِنْهُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ ; وَذَلِكَ أَنَّ الْأَنْعَامَ هِيَ الثَّمَانِيَةُ الْأَزْوَاجُ ، وَمَا انْضَافَ إِلَيْهَا مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ يُقَالُ لَهُ أَنْعَامٌ بِمَجْمُوعِهِ مَعَهَا ، وَكَأَنَّ الْمُفْتَرِسَ كَالْأَسَدِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ خَارِجٌ عَنْ حَدِّ الْأَنْعَامِ ; فَبَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ هِيَ الرَّاعِي مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ .
قُلْتُ : فَعَلَى هَذَا يَدْخُلُ فِيهَا ذَوَاتُ الْحَوَافِرِ لِأَنَّهَا رَاعِيَةٌ غَيْرُ مُفْتَرِسَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=8وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ فَلَمَّا اسْتَأْنَفَ ذِكْرَهَا وَعَطَفَهَا عَلَى الْأَنْعَامِ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا ; وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَقِيلَ : بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ مَا لَمْ يَكُنْ صَيْدًا ; لِأَنَّ الصَّيْدَ يُسَمَّى وَحْشًا لَا بَهِيمَةً ، وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ . وَرُوِيَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ الْأَجِنَّةُ الَّتِي تَخْرُجُ عِنْدَ الذَّبْحِ مِنْ بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ ; فَهِيَ تُؤْكَلُ دُونَ ذَكَاةٍ ، وَقَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَفِيهِ بُعْدٌ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ وَلَيْسَ فِي الْأَجِنَّةِ مَا يُسْتَثْنَى ; قَالَ
مَالِكٌ : ذَكَاةُ الذَّبِيحَةِ ذَكَاةٌ لِجَنِينِهَا إِذَا لَمْ يُدْرَكْ حَيًّا وَكَانَ قَدْ نَبَتَ شَعْرُهُ وَتَمَّ خَلْقُهُ ; فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ وَلَمْ يَنْبُتْ شَعْرُهُ لَمْ يُؤْكَلْ إِلَّا أَنْ يُدْرَكَ حَيًّا فَيُذَكَّى ، وَإِنْ بَادَرُوا إِلَى تَذْكِيَتِهِ فَمَاتَ بِنَفْسِهِ ، فَقِيلَ : هُوَ ذَكِيٌّ ، وَقِيلَ : لَيْسَ بِذَكِيٍّ ; وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ أَيْ : يُقْرَأُ عَلَيْكُمْ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ قَوْلِهِ
[ ص: 8 ] تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830461وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ . فَإِنْ قِيلَ : الَّذِي يُتْلَى عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَيْسَ السُّنَّةَ ; قُلْنَا :
nindex.php?page=treesubj&link=27862كُلُّ سُنَّةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ; وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ :
أَحَدُهُمَا : حَدِيثُ
الْعَسِيفِ ( لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ ) وَالرَّجْمُ لَيْسَ مَنْصُوصًا فِي كِتَابِ اللَّهِ .
الثَّانِي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830462حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ : وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ; الْحَدِيثَ ، وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ " الْحَشْرِ " . وَيَحْتَمِلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ الْآنَ أَوْ " مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ " فِيمَا بَعْدُ مِنْ مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَيَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=21342تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتٍ لَا يُفْتَقَرُ فِيهِ إِلَى تَعْجِيلِ الْحَاجَةِ .
الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ أَيْ : مَا كَانَ صَيْدًا فَهُوَ حَلَالٌ فِي الْإِحْلَالِ دُونَ الْإِحْرَامِ ، وَمَا لَمْ يَكُنْ صَيْدًا فَهُوَ حَلَالٌ فِي الْحَالَيْنِ . وَاخْتَلَفَ النُّحَاةُ فِي إِلَّا مَا يُتْلَى هَلْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ أَوْ لَا ؟ فَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ : هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ اسْتِثْنَاءٌ آخَرُ أَيْضًا مِنْهُ ; فَالِاسْتِثْنَاءَانِ جَمِيعًا مِنْ قَوْلِهِ : بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ وَهِيَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا ; التَّقْدِيرُ : إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ إِلَّا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ مُحْرِمُونَ ; بِخِلَافِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ عَلَى مَا يَأْتِي ، وَقِيلَ : هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا يَلِيهِ مِنِ الِاسْتِثْنَاءِ ; فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ إِبَاحَةُ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ ; لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ الْمَحْظُورِ إِذْ كَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ مُسْتَثْنًى مِنَ الْإِبَاحَةِ ; وَهَذَا وَجْهٌ سَاقِطٌ ; فَإِذًا مَعْنَاهُ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ سِوَى الصَّيْدِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَيْضًا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ، وَأَجَازَ
الْفَرَّاءُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْبَدَلِ عَلَى أَنْ يُعْطَفَ بِإِلَّا كَمَا يُعْطَفُ بِلَا ; وَلَا يُجِيزُهُ الْبَصْرِيُّونَ إِلَّا فِي النَّكِرَةِ أَوْ مَا قَارَبَهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ نَحْوَ جَاءَ الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدٌ ، وَالنَّصْبُ عِنْدَهُ بِأَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ مِمَّا فِي أَوْفُوا ; قَالَ
الْأَخْفَشُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : حَالٌ مِنَ الْكَافِ وَالْمِيمِ فِي لَكُمْ وَالتَّقْدِيرُ : أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ . ثُمَّ قِيلَ : يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ الْإِحْلَالُ إِلَى النَّاسِ ، أَيْ : لَا تُحِلُّوا الصَّيْدَ فِي
[ ص: 9 ] حَالِ الْإِحْرَامِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَيْ : أَحْلَلْتُ لَكُمُ الْبَهِيمَةَ إِلَّا مَا كَانَ صَيْدًا فِي وَقْتِ الْإِحْرَامِ ; كَمَا تَقُولُ : أَحْلَلْتُ لَكَ كَذَا غَيْرَ مُبِيحٍ لَكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . فَإِذَا قُلْتَ يَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ فَالْمَعْنَى : ( غَيْرَ مُحِلِّينَ الصَّيْدِ ) ، فَحُذِفَتِ النُّونُ تَخْفِيفًا .
السَّادِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : وَأَنْتُمْ حُرُمٌ يَعْنِي الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ; يُقَالُ : رَجُلٌ حَرَامٌ وَقَوْمٌ حُرُمٌ إِذَا أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ ; وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
فَقُلْتُ لَهَا فِيئِي إِلَيْكِ فَإِنَّنِي حَرَامٌ وَإِنِّي بَعْدَ ذَاكَ لَبِيبُ
أَيْ : مُلَبٍّ ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ إِحْرَامًا لِمَا يُحَرِّمُهُ مَنْ دَخَلَ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ النِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَغَيْرِهِمَا ، وَيُقَالُ : أَحْرَمَ دَخَلَ فِي الْحَرَمِ ; فَيَحْرُمُ صَيْدُ الْحَرَمِ أَيْضًا ، وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ " حُرْمٌ " بِسُكُونِ الرَّاءِ ; وَهِيَ لُغَةٌ تَمِيمِيَّةٌ يَقُولُونَ فِي رُسُلٍ : رُسْلٌ وَفِي كُتُبٍ كُتْبٌ وَنَحْوَهُ .
السَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ تَقْوِيَةً لِهَذِهِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُخَالِفَةِ لِمَعْهُودِ أَحْكَامِ الْعَرَبِ ; أَيْ : فَأَنْتَ يَا
مُحَمَّدُ السَّامِعُ لِنَسْخِ تِلْكَ الَّتِي عَهِدْتَ مِنْ أَحْكَامِهِمْ تَنَبَّهْ ، فَإِنَّ الَّذِي هُوَ مَالِكُ الْكُلِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ يُشَرِّعُ مَا يَشَاءُ كَمَا يَشَاءُ .