الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل المذهب تجب الزكاة إذا حال الحول ، فلا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء ( و ش ) ولخبر اشتراط الحول ، ولانعقاد الحول الثاني عقب الحول الأول ( ع ) واحتج القاضي وغيره بأن للساعي المطالبة ، ولا يكون إلا لحق سبق وجوبه ، وكالصوم فإنه يقضيه المريض بخلاف الإطعام عنه ، على الأصح ; لأن في الكفارة والفدية معنى العقوبة ، وعنه : لا تجب ، فيعتبر التمكن من الأداء ( و م ش ) فعلى الأول لو تلف النصاب بعد الحول قبل التمكن من الأداء ضمنها ، وعلى الثاني لا ، وجزم في الكافي ونهاية أبي المعالي بالضمان ، واحتجا به للمذهب ; لأنها لو لم تجب لم يضمنها ، وقاسه أبو المعالي على تفويته العبد الجاني ، وهذا باتفاق من أبي حنيفة [ ص: 348 ] والشافعي وكذا لو أتلف ضمنها على الأولى ، لأنها عين تلزمه مؤنة تسليمها إلى مستحقها تلفت في يده ، كعارية وغصب ومقبوض بسوم ، وعكسه زكاة الدين لعدم تلفه بيده ، وسقوط العشر بآفة قبل الإحراز ; لأنها من ضمان البائع ، بدليل الجائحة ، كذا ذكره الشيخ وغيره ، وذكر صاحب المحرر وغيره بدل " قبل الإحراز " : قبل أخذه ، واحتج بالجائحة .

                                                                                                          وفي الرعاية : قبل قطعه ، وعلى الثانية : لا يضمنها بتلفه ، وظاهر الخرقي : مطلقا ، ( و ) واختاره في النصيحة والمغني والمستوعب وشيخنا ، وذكره جماعة رواية ، مع اقتصارهم على وجوبها بالحول ، لوجوبها مع مواساة ، فلا تجب مع فقره وعدم ماله ، وكوديعة ولقطة ، وجزم بعضهم إن علقت بالذمة لم تسقط ، وإلا فالخلاف .

                                                                                                          وقال صاحب المحرر على [ الرواية ] الثانية : تسقط في الأموال الظاهرة دون الباطنة ، نص عليه ( و م ) في رواية أبي عبد الله النيسابوري وغيره ، قال : وقال أبو حفص العكبري : روى أبو عبد الله النيسابوري الفرق بين الماشية والمال ، والعمل على ما روى الجماعة أنها كالمال ، ذكره القاضي وابن عقيل رواية : يعتبر إمكان الأداء في غير المال الظاهر ، وذكر أبو الحسين رواية : لا تسقط بتلف النصاب غير الماشية ، كما لا تضم ماشيته في بلدين متباعدين ، وتضم بقية الأموال ، كذا قال ، أما لو أمكنه الأداء فلم يزك لم تسقط ، كزكاة الفطر والحج ; ولأن المستحق غير معين ، وفي العبد الجاني معين [ ص: 349 ] رضي بالترك ، أو المستحق هنا هو الله وقد أمر بالدفع ، قال الحنفية : وبعد طلب الساعي قيل : يضمن ، وقيل لا ، لعدم التفويت ، وفي الاستهلاك وجد التعدي ، وعندهم في هلاك البعض يسقط بقدره ، ولم يعتبر في المستوعب السقوط بالتلف إلا بالعبد الجاني ، فيلزمه ولو تمكن ، وصرح بخلافه ، ومن أمكنه لكن خاف رجوع الساعي فكمن لم يمكنه ( ش ) ولو نتجت السائمة لم يضم في حكم الحول الأول على المذهب ، ويضم على الثاني ، كقبل الحول ، وذكر صاحب المحرر : لو تلف بعضه زكى الباقي ، على المذهب الأول ، ولو أسقطنا زكاة التالف ، لا على الثاني ، كذا قال ، مع أنه احتج للرواية الثانية بنصها في هذه المسألة : لا زكاة لما تلف ، وظاهره يزكي بقيته على هذه الرواية ، وذكر أيضا الروايتين في الزرع والثمر ، ثم قال : إن تلف البعض وبقي دون نصاب ففيه بقسطه ، على الرواية المنصوصة ، كبقية الزكوات ، وذكر في الكافي الرواية الأولى ثم الثانية ، ثم قال : وإن تلف بعض النصاب قبل التمكن سقط من الزكاة بقدره .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية