الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور

                                                                                                                                                                                                                                        (31) أي: ألم تر من آثار قدرته ورحمته، وعنايته بعباده، أن سخر البحر، تجري فيه الفلك، بأمره القدري ولطفه وإحسانه، ليريكم من آياته ففيها الانتفاع والاعتبار.

                                                                                                                                                                                                                                        إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور فهم المنتفعون بالآيات، صبار [ ص: 1359 ] على الضراء، شكور على السراء، صبار على طاعة الله وعن معصيته، وعلى أقداره، شكور لله، على نعمه الدينية والدنيوية.

                                                                                                                                                                                                                                        (32) وذكر تعالى حال الناس، عند ركوبهم البحر، وغشيان الأمواج كالظل فوقهم، أنهم يخلصون الدعاء لله والعبادة: فلما نجاهم إلى البر انقسموا فريقين:

                                                                                                                                                                                                                                        فرقة مقتصدة، أي: لم تقم بشكر الله على وجه الكمال، بل هم مذنبون ظالمون لأنفسهم.

                                                                                                                                                                                                                                        وفرقة كافرة لنعمة الله، جاحدة لها، ولهذا قال: وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار أي غدار، ومن غدره، أنه عاهد ربه، لئن أنجيتنا من البحر وشدته، لنكونن من الشاكرين، فغدر ولم يف بذلك، كفور لنعم الله. فهل يليق بمن نجاهم الله من هذه الشدة، إلا القيام التام بشكر نعم الله؟

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية