الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون

قوله تعالى : وإذا جاءوكم قالوا آمنا هذه صفة المنافقين ، والمعنى أنهم لم ينتفعوا بشيء مما سمعوه ، بل دخلوا كافرين وخرجوا كافرين . والله أعلم بما كانوا يكتمون [ ص: 174 ] أي : من نفاقهم ، وقيل : المراد اليهود الذين قالوا : آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار إذا دخلتم المدينة ، واكفروا آخره إذا رجعتم إلى بيوتكم ، يدل عليه ما قبله من ذكرهم وما يأتي . قوله تعالى : وترى كثيرا منهم يعني من اليهود . يسارعون في الإثم والعدوان أي : يسابقون في المعاصي والظلم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون

قوله تعالى : لولا ينهاهم الربانيون والأحبار لولا بمعنى فلا . ينهاهم يزجرهم . الربانيون علماء النصارى . والأحبار ) علماء اليهود قاله الحسن ، وقيل الكل في اليهود ; لأن هذه الآيات فيهم . ثم وبخ علماءهم في تركهم نهيهم فقال : لبئس ما كانوا يصنعون كما وبخ من يسارع في الإثم بقوله : لبئس ما كانوا يعملون ودلت الآية على أن تارك النهي عن المنكر كمرتكب المنكر ; فالآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد مضى القول في هذا المعنى في ( البقرة ) و ( آل عمران ) ، وروى سفيان بن عيينة قال : حدثني سفيان بن سعيد عن مسعر قال : بلغني أن ملكا أمر أن يخسف بقرية فقال : يا رب فيها فلان العابد فأوحى الله تعالى إليه : ( أن به فابدأ فإنه لم يتمعر وجهه في ساعة قط ) ، وفي صحيح الترمذي : ( إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ) ، وسيأتي . والصنع بمعنى العمل إلا أنه يقتضي الجودة ; يقال : سيف صنيع إذا جود عمله .

التالي السابق


الخدمات العلمية