الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 2595 ] كتاب الأيمان بالطلاق

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ب) نسخة برلين رقم (3144)

                                                                                                                                                                                        2 - (ح) نسخة الحسنية رقم (12929)

                                                                                                                                                                                        3 - (ث) نسخة سيدنا عثمان رقم (172)

                                                                                                                                                                                        4 - (س) نسخة الاسكوريال رقم (1082) [ ص: 2596 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 2597 ]

                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        كتاب الأيمان بالطلاق

                                                                                                                                                                                        ما جاء في الأيمان بالطلاق

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: الطلاق على أربعة أوجه: مكروه ومباح ومستحب وواجب، وكل ذلك راجع إلى حال الزوجين في العشرة وحال الزوجة في نفسها من الصيانة والفساد.

                                                                                                                                                                                        فإن كان الزوجان على الإنصاف وكل واحد مؤد لحق صاحبه استحب له ألا يفارق، وإن كانت غير مؤدية لحقه ناشزا أو غير ذلك، كان مباحا غير مكروه.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت غير صينة لنفسها استحب له فراقها من غير قضاء، إلا أن تعلقها نفسه.

                                                                                                                                                                                        وإن فسد ما بينهما ولا يكاد يسلم له دينه معها وجب الفراق.

                                                                                                                                                                                        واستحب الإمساك في القسم الأول، لقول الله سبحانه: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا [النساء: 19] فندب إلى إمساكها لإمكان أن يجعل الله في ذلك خيرا، وروي أن [ ص: 2598 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق"، ولأن الطلاق سبب لاطلاع غيره عليها، واطلاعها على غيره، ومن مروءة الرجل حفظ هذا المعنى وصونه، وقد أكرم الله تعالى نبيه صلوات الله عليه بحماية ذلك، فحرم أزواجه على غيره تكرمة له.

                                                                                                                                                                                        واستحب له فراق من كانت غير صينة لنفسها، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي قال: إن زوجته لا ترد يد لامس: "فارقها"، قال: فإني أحبها، قال "فأمسكها"، ولأنه لا يأمن أن يلحق به غير ولده، ووجب الفراق إذا فسد ما بينهما وتفاقم فلم يرج صلاح، لقول الله -عز وجل-: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها [النساء: 35] وقد مضى الكلام على هذا أن ذلك من الواجب على الحكم، وإن لم يتحاكما إليه في باب الحكمين. [ ص: 2599 ]

                                                                                                                                                                                        والأيمان بالطلاق ممنوعة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحلفوا بالطلاق ولا بالعتاق، فإنهما من أيمان الفساق"، ولأن الغالب فيمن يحلف بالطلاق أنه لا يبر في يمينه، وقد يحنث وهي حائض، وقد قيل في أحد التأويلات في قول الله سبحانه: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا الآية [البقرة: 224] أي: لا تكثروا الأيمان بالله عز وجل، فإن فاعل ذلك لا يبر ولا يتقي.

                                                                                                                                                                                        وقال مطرف وابن الماجشون فيمن اعتاد اليمين بالطلاق: إنها جرحة، ولا يحلف بذلك سلطان ولا غيره، ولينه الناس عن ذلك، ويؤدب من اعتاد اليمين بذلك.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية