الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 108 ] 130 - باب: يبدي ضبعيه ويجافي في السجود

                                774 807 - ثنا يحيى بن بكير، حدثني بكر بن مضر، عن جعفر، عن ابن هرمز، عن عبد الله بن مالك بن بحينة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه.

                                وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة نحوه.

                                التالي السابق


                                " الضبع " - بسكون الباء -: العضد. ويقال: الإبط.

                                وعن الأصمعي ، قال: الضبعان ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه.

                                وابن هرمز، هو: عبد الرحمن الأعرج .

                                ورواية الليث بن سعد التي ذكرها تعليقا، أسندها مسلم في - صحيحه - من رواية ابن وهب : أنا عمرو بن الحارث والليث بن سعد ، كلاهما عن جعفر بهذا الإسناد.

                                وفي رواية عمرو : " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد يجنح في سجوده حتى يرى وضح إبطيه ".

                                وفي رواية الليث : " أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سجد فرج يديه عن إبطيه حتى إني لأرى بياض إبطيه ".

                                وفي استحباب التجافي في السجود أحاديث كثيرة، لم يخرج البخاري منها غير هذا.

                                والقول باستحبابه قول جمهور العلماء، وذكر الترمذي أن العمل عندهم [ ص: 109 ] عليه، وهذا يشعر بأنه إجماع منهم.

                                ولكن روى نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان إذا سجد ضم يديه إلى جنبيه ولم يفرجهما.

                                وروى عنه ابنه واقد بن عبد الله ، أن أباه كان يفرج بين يديه.

                                وروى عنه آدم بن علي ، أنه أمر بذلك.

                                وقد حمل بعضهم ما رواه نافع على حالة التضايق والازدحام، وقد يحمل على حالة إطالة السجود ، وعلى ذلك حمله الأوزاعي وغيره.

                                وروي عن ابن عمر ، قال: اسجد كيف تيسر عليك.

                                ورخص ابن سيرين في الاعتماد بمرفقيه على ركبتيه.

                                وقال قيس بن سكن : كل ذلك قد كانوا يفعلون، كان بعضهم يضم، وبعضهم يجافي.

                                فإن أطال السجود ولحقته مشقة بالتفريج، فله أن يعتمد بمرفقيه على ركبتيه.

                                وقد روى ابن عجلان ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال: اشتكى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشقة السجود عليهم إذا تفرجوا، فقال: " استعينوا بالركب ".

                                خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي - وهذا لفظه - وابن حبان في " صحيحه " والحاكم .

                                وزاد هو والإمام أحمد : قال ابن عجلان : وذلك أن يضع مرفقيه على [ ص: 110 ] ركبتيه إذا طال السجود وأعيا.

                                ورواه الثوري وابن عيينة وغيرهما، عن سمي ، عن النعمان بن أبي عياش ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلا.

                                والمرسل أصح عند البخاري وأبي حاتم الرازي والترمذي والدارقطني وغيرهم.

                                وقد روي - أيضا - عن زيد بن أسلم - مرسلا.

                                ورخص فيه عمر بن عبد العزيز والأوزاعي ومالك في النافلة.

                                وكذلك قال بعض أصحابنا وأصحاب الشافعي .

                                والمنصوص عن أحمد في رواية حرب أنه لا يفعل، بل يجافي.

                                ومتى كان التجافي يضر بمن يليه في الصف للزحام فإنه يضم إليه من جناحه -: قاله الأوزاعي .

                                وهذا في حق الرجل، فأما المرأة فلا تتجافى بل تتضام، وعلى هذا أهل العلم - أيضا - وفيه أحاديث ضعيفة.

                                وخرج أبو داود في ذلك حديثا مرسلا في " مراسيله ".



                                الخدمات العلمية