الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        كتاب الصلاة الأول

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ب) نسخة برلين رقم (3144)

                                                                                                                                                                                        2 - (ح) نسخة الحمزوية رقم (115)

                                                                                                                                                                                        3 - (س) نسخة الاسكوريال رقم (1082)

                                                                                                                                                                                        4 - (ش 2) نسخة أهل ناجم - تيشيت (شنقيط) [ ص: 222 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 223 ]

                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

                                                                                                                                                                                        كتاب الصلاة الأول

                                                                                                                                                                                        الصلاة فرض بالقرآن والسنة والإجماع:

                                                                                                                                                                                        فأما القرآن فقوله تعالى: فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا [النساء: 103] ، والأمر بها في غير موضع من كتاب الله تعالى.

                                                                                                                                                                                        وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. . ." الحديث.

                                                                                                                                                                                        وقال - عليه السلام -: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله" . أخرج هذين الحديثين البخاري ومسلم.

                                                                                                                                                                                        وأعلمنا الله سبحانه أعداد الصلوات وأوقاتها في كتابه وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فقال تعالى: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر [ ص: 224 ] [الإسراء: 78] ، فتضمنت هذه الآية ثلاث صلوات: الظهر، والعشاء الآخرة، والفجر. وهذا قول مالك في " المستخرجة" ، وروى عنه ابن نافع في " المبسوط" أن المراد به الصلوات الخمس: الظهر والعصر; لقوله سبحانه: لدلوك الشمس ، والمغرب والعشاء لقوله: إلى غسق الليل . والصبح لقوله تعالى: وقرآن الفجر ، ورواه ابن مسلمة عن مالك في كتاب أبي الفرج وكذلك في الواضحة ، والقول الأول أحسن; لأن تقدمة العصر إلى الزوال، وتأخير المغرب إلى العشاء الآخرة لا يجوز إلا لضرورة، ومحمل القرآن على الأوقات المختارة، ويلزم على هذا القول ألا إعادة على من صلى العصر في أول وقت الظهر، أو قدم العشاء فصلاها مع المغرب; قياسا على الظهر.

                                                                                                                                                                                        وقال تبارك وتعالى: وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل [هود: 114] ، واختلف فيما تضمنته هذه الآية على ثلاثة أقوال، فقيل: ثلاث صلوات، وقيل: أربع، وقيل: خمس.

                                                                                                                                                                                        قال أبو إسحاق ابن شعبان : ثلاث صلوات; فالصبح طرف، والمغرب طرف، والثالثة العشاء .

                                                                                                                                                                                        فجعل المغرب من طرفي النهار; لأنها تصلى عند طرف النهار، وهو: إذا توارت بالحجاب، والعرب تسمي الشيء باسم غيره إذا كان من سببه أو [ ص: 225 ] مقارنا له.

                                                                                                                                                                                        وروى ابن نافع عن مالك أنه قال: طرفي النهار الصبح والظهر والعصر، وزلفا من الليل : العشاء. فتضمنت هذه الآية أربع صلوات.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب : وزلفا من الليل : المغرب والعشاء. ووافق مالك في الطرف الثاني أنه الظهر والعصر . فتضمنت هذه عنده خمس صلوات، ونسبة الظهر والعصر إلى الطرف توسعة ومجاز.

                                                                                                                                                                                        ومحمل قولهما في الظهر إذا صليت عند آخر القامة ولا تنسب إلى طرف إذا صليت عند الزوال; لأن ذلك وسط; قال الله -عز وجل- فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون الآية [الروم: 17]. فتضمنت أربع صلوات: الصبح، والظهر، والعصر، والمغرب ; لقوله: حين تمسون وهو قول مالك في " العتبية" ، وقال محمد بن المواز: المغرب والعشاء . والأول أحسن; لأن تقدمة العشاء عند الغروب لا يجوز مع الاختيار.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية