الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 123 ] 136 - باب

                                عقد الثياب وشدها

                                ومن ضم إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته

                                781 814 - حدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: كان الناس يصلون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عاقدي أزرهم من الصغر على رقابهم، فقيل للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا.

                                التالي السابق


                                قد خرج البخاري هذا الحديث فيما سبق في " باب: إذا كان الثوب ضيقا ".

                                ومقصوده بتخريجه في هذا الباب: أن عقد الثياب وشدها وضمها في الصلاة إذا كان لضيق الثوب أو تخرقه؛ خشية انكشاف العورة منه، فإنه جائز غير مكروه، فإذا كان عليه إزار صغير، فعقده على منكبه ليستر به منكبيه وعورته، فهو حسن.

                                واختلفت الرواية عن أحمد في كراهة شد الوسط في الصلاة، فكرهه في رواية، وقال: هو تشبه بأهل الكتاب، ورخص فيه في رواية.

                                فمن الأصحاب من قال عنه: في كراهته روايتان.

                                ومنهم من قال: هما منزلان على حالين: فإن كان يشبه شد الزنار كره، وإلا لم يكره، بل يستحب، خصوصا لمن ليس عليه إزار ولا سراويل؛ لأنه أستر لعورته.

                                وقد نص أحمد على التفريق بينهما، وقال إسحاق بن هانئ في [ ص: 124 ] " مسائله ": سألت أحمد عن الرجل يصلي مشدود الوسط؟ فقال: هو عندي أسهل، إذا كان يريد بشد وسطه أن لا يتترب ثوبه، فلا يصلي مشدود الوسط إلا أن يكون لعمل.

                                ومعنى هذه الرواية: إن شد وسطه خشية أن يصيبه التراب في سجوده كره له ذلك؛ لما فيه من التكبر، فإن تتريب المصلي بدنه وثيابه من الخشوع والتواضع لله عز وجل، وإن كان شده لغير ذلك من عمل يعمله لم يكره. وفهم طائفة من أصحابنا من كلام أحمد عكس هذا، ولا وجه لذلك.

                                وقال الشعبي : كان يقال: شد حقوك في الصلاة ولو بعقال.

                                وقال يزيد بن الأصم وإبراهيم النخعي : شد حقوك ولو بعقال.

                                وروى شعبة ، عن يزيد بن خمير ، عن مولى لقريش ، قال: سمعت أبا هريرة يحدث معاوية ، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الرجل حتى يحتزم.

                                خرجه الإمام أحمد .

                                وخرجه أبو داود ، ولفظه: نهى أن يصلي الرجل بغير حزام.

                                واستدل به أحمد على أنه لا يكره شد الوسط في الصلاة.



                                الخدمات العلمية