الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 182 ] 149 - باب

                                الدعاء قبل السلام

                                فيه حديثان:

                                الأول:

                                832 - حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب، عن الزهري، أنا عروة، عن عائشة أخبرته، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو في الصلاة: " اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم "، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ فقال: " إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف ".

                                798 833 - وعن الزهري، قال: أخبرني عروة، أن عائشة قالت: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال .

                                التالي السابق


                                إنما في هذا الحديث أنه كان يدعو بذلك في صلاته، وليس فيه أنه كان يدعو به في تشهده قبل السلام، كما بوب عليه.

                                وقد روى مسروق ، عن عائشة في ذكر عذاب القبر ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصل صلاة بعد ذلك إلا تعوذ من عذاب القبر.

                                وقد خرجه البخاري في موضع آخر.

                                وخرجه النسائي من رواية جسرة بنت دجاجة ، عن عائشة ، وفي حديثها: أنه كان يقول ذلك في دبر كل صلاة.

                                وهذا يدل على أنه كان يقوله في تشهده.

                                [ ص: 183 ] ويستدل على ذلك - أيضا - بحديث آخر، خرجه مسلم من رواية الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن محمد بن أبي عائشة ، عن أبي هريرة . وعن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال ".

                                وفي رواية له بالطريق الأول خاصة: " إذا فرغ أحدكم من التشهد فليقل ".

                                وفي رواية أخرى له أيضا -: " التشهد الأخير ".

                                وخرج - أيضا - من رواية هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتعوذ من ذلك - ولم يذكر الصلاة.

                                وكذلك خرجه البخاري في " الجنائز " من رواية هشام .

                                وهذا يدل على أن رواية الأوزاعي حمل فيها حديث يحيى ، عن أبي سلمة على لفظ حديث حسان ، عن ابن أبي عائشة ، ولعل البخاري لم يخرجه لذلك؛ فإن المعروف ذكر الصلاة في رواية ابن أبي عائشة خاصة، ولم يخرج له البخاري .

                                وخرج أبو داود من رواية عمر بن يونس اليمامي : حدثني ابن عبد الله [ ص: 184 ] ابن طاوس ، عن أبيه، عن طاوس ، عن ابن عباس ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول بعد التشهد: " اللهم، إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من فتنة الدجال ".

                                وروى مالك ، عن أبي الزبير ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعلمهم الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن - فذكره، ولم يذكر: الصلاة.

                                وخرجه من طريقه مسلم .

                                وكذلك خرج - أيضا - من طريق ابن عيينة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه، عن أبي هريرة - ومن طريق عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن أبي هريرة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يأمر بهذا التعوذ، ولم يذكر: الصلاة - أيضا.

                                وذكر مسلم ، أن طاوسا كان يروي هذا الحديث عن ثلاثة، أو عن أربعة، وأنه أمر ابنه أن يعيد الصلاة حيث لم يتعوذ فيها من ذلك.

                                وخرجه الحاكم من طريق ابن جريج ، عن ابن طاوس ، عن أبيه، عن عائشة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

                                وذكر الدارقطني أن ابن طاوس كان يرويه، عن أبيه مرسلا.

                                وسماع عائشة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاته يدل على أنه كان أحيانا يسمع من يليه دعاءه، كما كان أحيانا يسمع من يليه الآية من القرآن.



                                الخدمات العلمية